للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة أربع عشرة وستّمائة

[[زيادة دجلة]]

فيها كَانَ الغَرَقُ ببغدادَ بزيادة دِجلة، وركب الخليفة شُبّارةً، وخاطبَ النَّاس، وجعلَ يتأوَه لهم وَيَقُولُ: لو كَانَ هَذَا يُرَدُّ عنكم بمالٍ أَوْ حَرْب، دفعتُه عنكم.

قَالَ أَبُو شامة [١]- وقد نقلَهُ من كلام أَبِي المُظَفَّر سِبْط الْجَوْزيّ [٢] ، إن شاء اللَّه: فانهدمت بغدادُ بأسرها، والمَحالّ، ووصلَ الماء إلى رأس السُّور، ولم يبقَ لَهُ أن يطفحَ عَلَى السُّور إِلَّا مقدار إصبعين، وأيقنَ النَّاس بالهلاكِ، ودامَ ثماني أيّام [٣] ، ثُمَّ نقصَ الماء، وبقيت بغداد من الجانبين تُلُولًا لا أثر لها! [٤] .

قُلْتُ: هَذَا من خسف أَبِي المُظَفَّر، فَهُوَ مُجازفٌ.

[قدوم خُوَارِزْم شاه إلى بغداد]

قَالَ أَبُو المُظَفَّر [٥] : وفيها قَدِمَ خُوَارِزْم شاه مُحَمَّد بن تكش في أربعمائة ألف، وقيل: في ستّمائة ألف، فوصل هَمَذان قاصدا بغداد، فاستعدَّ الخليفةُ، وفرَّق الْأموال والعُدَد، وراسلَهُ مَعَ الشَّيْخ شهاب الدّين السُّهْرَوَرْدي، فأهانه ولم يحتفل بِهِ، واستدعاه، وأوقفه إلى جانب الخَيْمة، ولم يُجْلسه، قَالَ: فحكَى شهابُ الدّين، قَالَ: استدعاني إلى خَيْمةٍ عظيمة لها دِهليز لم أر مثله في الدُّنْيَا، وَهُوَ من أطْلَس [٦] ، والْأطنابُ حرير، وفي الدِّهليز ملوكُ العَجَمِ عَلَى طبقاتهم، كصاحب أصبهان،


[١] في ذيل الروضتين ١٠٠.
[٢] في مرآة الزمان ج ٨ ق ٢/ ٥٨٢.
[٣] عبارة سبط ابن الجوزي: «ودام سبع ليال وثمانية أيّام حسوما» .
[٤] والخبر أيضا في: البداية والنهاية ١٣/ ٧٥، والعسجد المسبوك ٢/ ٣٥٧، ٣٥٨.
[٥] في مرآة الزمان ج ٨ ق ٢/ ٥٨٢.
[٦] في المرآة: «والدهليز والشقة أطلس» .