فيها قصد مُظَفَّر الدّين صاحب إربل المَوْصِل، فخرجَ إِلَيْهِ بدر الدّين لؤلؤ، فَكَسَرهُ مُظَفَّر الدّين، وأفلتَ لؤلؤ وحده، ونازل مُظَفَّرُ الدّين المَوْصِل، فجاءَ الملك الْأشرفُ من حرّان نَجْدةً للؤلؤ، ثُمَّ وقع الصُّلح [١] .
[[فتنة ابن المشطوب]]
وفيها كانت فتنة ابن المَشْطوب، لَمَّا كَانَ المُعَظَّم بديار مصر عام أَوَّل، بلغه أَنَّ الملك الفائز أخاه قد اتّفق مع الأمير عماد الدّين ابن المشطوب أحد الْأمراء الكبار عَلَى أخيه الكامل، وقد استحلفَ للفائز العساكر. فعرف الكاملُ فرحلَ إلى أَشموم، وهَمَّ بالتوجّه إلى اليمن، ويَئس من البلاد، فَقَالَ لَهُ المُعَظَّم: لَا بأس عليك، ورَكِبَ وجاء إلى خَيْمة ابن المَشْطوب، فخرج إلى خدمته بغير خُفٍّ، وركب معه، فسيّر معه، فأَبْعَدَ بِهِ، وَقَالَ: أخي الْأشرف قد طلبك فسر إليه مسرعا. فقال: ما معي غلماني ولا قماشي، فَوَكَّل بِهِ جماعة، وَقَالَ: هَؤُلَاءِ في خدمتك. وأعطاه نفقة خمسمائة دينار، وَقَالَ: كلّ شيء تريد يلحقك في الحال.
فسارَ، وجهَّز المُعَظَّم جميع أحواله خلْفَه، ثُمَّ رجع إلى مُخَيَّمه، فجاءَ الكامل إِلَيْهِ وقَبَّل الْأرضَ بين يديه.
وأمّا الفائز فخاف خوفا عظيما، واجتاز ابن المشطوب عَلَى دمشق وحماة، وعدّى الفرات إلى الْأشرف فتلقّاه وأكْرَمه، فصار يركب بالشّبّابة، ويعمل له موكبا
[١] انظر الخبر في: الكامل في التاريخ ١٢/ ٣٣٩- ٣٤١ (حوادث سنة ٦١٥ هـ.) ، وزبدة الحلب ٣/ ١٨٧، ومفرّج الكروب ٤/ ٢٥- ٢٨، ونهاية الأرب ٢٩/ ١٠٦، والعسجد المسبوك ٢/ ٣٨٠، ٣٨١، والمختار من تاريخ ابن الجزري ٩١.