للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة تسع عشرة وستّمائة

[[الجراد بالشام]]

قَالَ أَبُو شامة [١] : فيها ظهر بالشّام [٢] جراد عظيم أكل الزَّرْع والشَّجَر. فأظهر الملك المُعَظَّم أَنَّ ببلاد العَجَم طيرا يُقَال لَهُ السَّمرمر يأكل الجراد، فأرسل الصَّدْر البكْري المُحتسب، ورَتَّبَ معه صوفية، وَقَالَ: تمضي إلى العجم فهناك عين يجتمع عليها السَّمرمر، فتأخذ من مائها في قوارير، وتعلّقها على رءوس الرِّماح، فَإِذَا رآها السّمرمر تبِعك. وما كَانَ مقصوده إِلَّا أنْ بعثه إلى السُّلْطَان جلال الدّين ابن علاء الدّين ليتّفق معه، وَذَلِكَ لَمَّا بلغه اتّفاق أخويه بمصر عَلَيْهِ. فسار البكْري واجتمع بجلال الدّين، وقَرَّر معه الْأمور بِأَذْرَبِيجَان، وجعله سَنَدًا لَهُ. فَلَمَّا عاد ولّاه مشيخة الشّيوخ مَعَ حِسْبة دمشق [٣] .

[[كثرة الحجيج]]

وفيها حجّ خلقٌ كثير لكونها وقفة الْجُمُعة، وازدحم النَّاس بمكَّة حتّى ماتَ جماعة، قَالَ ابنُ بنت الْجَوْزيّ [٤] : وحَجّ من اليمن صاحبُها الملك المسعود ابن الكامل في عسكر عظيم، ومنعَ علمَ النّاصر لدين اللَّه أن يصعد الجبل، وأصْعدَ علم أَبِيهِ، ولَبِسَ السِّلاح وَقَالَ لجُنده: إنْ أصعدوا علم الخليفة فاكسروه، وانهبوا البغاددة. وَيُقَال: إِنَّهُ أذِنَ في العَلَم في آخر شيء، وبدا منه جبروتٌ عظيم.

حكى لي [٥] شيخُنا جمالُ الدين الحَصِيريّ، قَالَ: رأيته وقد صعِد عَلَى قُبَّة


[١] في ذيل الروضتين ١٣١.
[٢] هكذا في الأصل نقلا عن أبي شامة في الذيل، أما في: مرآة الزمان ج ٨ ق ٢/ ٦٢٣ «ظهر بالعراق» ، مع أن أبا شامة ينقل عن المرآة!.
[٣] في المرآة، وذيل الروضتين أن الجراد كان قد قلّ، فلما عاد البكري كثر الجراد! وانظر الخبر في:
نهاية الأرب ٢٩/ ١١٩، ١٢٠، وهو باختصار في البداية والنهاية ١٣/ ٩٨.
[٤] في مرآة الزمان ج ٨ ق ٢/ ٦٢٤.
[٥] القائل هو سبط ابن الجوزي.