للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي الحصار، ووقع الْجِدّ من الفريقين، وأنجد أهلها صاحبُ قبرس بوكه بْن سيروك بنفسه. وليلة قدومه عليهم أشعلوا نيرانا وشمعا عظيما فَرَحًا بِهِ، فأقام عندهم ثلاثة أيّام ثمّ ركب البحر وأقلع لما شاهد من هول ما أحيط بهم، ولما رَأَى من ضَعْفهم وانحلال أمرهم. وشرع أهلها فِي الهرب فِي البحر، ولم يزل الأمر فِي جدِّ حتّى هدمت المجانيق شُرُفات الأبراج، وكملت النّقوب عليها، وعلّقت الأسوار، وأُضرمت فِي أسافلها النّار، واستشهد عليها خلْقٌ من المسلمين، وثبت الفرنج ثباتا كُلّيًا.

وعند مُنازلتها نودي فِي دمشق: من أراد أن يسمع «الْبُخَارِيّ» فلْيحضر إلى الجامع. فاجتمع خلْقٌ وقرا فِيهِ الشّيْخ شرف الدّين الفزاريّ، وحضر قاضي القضاة ونائبة، ونجم الدّين بْن مكيّ، وعزّ الدّين الفارُوثي، وكان السّماع عَلَى جماعة [١] .

[[إمساك نائب دمشق]]

وفي ثامن جمادى الأولى حصل تشويش عَلَى عكّا، وهو أنّ الأمير عَلَم الدّين الحَمَويّ أَبُو خرص [٢] أتى إلى نائب دمشق لاجين فقال: السّلطان يريد أن يمسكك. فخاف، وجمع ثِقْله وطُلُبَه فِي اللّيل، وشرع فِي الهروب، فشعر بِهِ عَلَم الدّين الدّواداريّ، فجاء وردّه وقال: باللَّه لا تكن سبب هلاك المسلمين، فإنّ الفرنج إنْ علموا بهروبك قووا عَلَى المسلمين. فرجع. ثمّ طلبه السّلطان من الغد، وخلع عَلَيْهِ وطمّنه، ثمّ أمسكه بعد يومين وقيّده وبعث بِهِ إلى مصر، وأمسك معه ركن الدّين تقصوه وهو حموه، وأمسك


[١] تاريخ حوادث الزمان ١/ ٥٨، المختار من تاريخ ابن الجزري ٣١٨، المقتفي ١/ ورقة ١٧٠ ب و ١٧٣ ب، البداية والنهاية ١٣/ ٣٢٢.
[٢] وفي المختصر في أخبار البشر ٤/ ٢٦ «أبو خرص» ، وفي تاريخ ابن سباط ١/ ٤٩٨ «أبو جرص» ، والمثبت يتفق مع المقتفي ١/ ٧٣ أ، وزبدة الفكرة ٩/ ورقة ١٥١ ب وفيه قد جوّد. وفي المختار من تاريخ ابن الجزري ٣٣٨ «أبو خرص» ، والمثبت يتفق مع تاريخ ابن الفرات ٨/ ١١٨، ١١٩.