للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تُطْعِمْها فإنّها هرّة جيراننا.

ومن غرائب الظّلم أنّ رجلا جاء بحِمْل عَسَلٍ، فأخِذ للخوشخاناه، فطولب بمكس [١] العسل، فقال: خذوا من تحت أيديكم. قَالُوا: ما نعرف ما تقول. فذهب بالبغل يبيعه، فأخذه أمير الإصطبل. وطولب بحقّه فِي السّوق فقال: أدفعوا لي ثمنه وخُذوا حقّكم. قَالُوا: ما نعلم ما تقول. وحبسوه على مكسه. فكتب إلى أهله. نفّذوا لي دراهم حتّى أستِفك روحي، فقد راح العَسَل والبغل، وأنا محبوس على المكْس.

وممّا يناسب هذه الحكاية أنّ امرأة ذهب عَنْهَا حُلِي بخمسة آلاف فوجده منادي بسوق الرّحبة فردّه عليها، فوهبته خمسمائة درهم فتمنّع وقال: إنّما رَدَدْتُه للَّه. فألزمته فأخذ الدّراهم. فسمع به الوالي فأحضره وأخذ منه الدّراهم وضربه وقال: ليش ما جيت بالحُلِي إلى عندنا؟

ثمّ ذكر كلاما طويلا من هذا النّحو.

[[مسير هولاكو إلى بغداد]]

وفي سنة خمسٍ سار هولاكو من هَمَدان قاصدا بغداد، فأشار ابن العَلْقَمِي الوزير على الخليفة ببذل الأموال والتحَف النّفيسة إليه، فثناه عن ذلك الدّويدار وغيره، وقالوا: غرض الوزير إصلاح حاله مع هولاكو. فأصغى إليهم وبعث هديّة قليلة مع عبد الله ابن الجوزيّ، فتنمّر هولاكو وبعث يطلب الدوَيْدار وابن الدوَيْدار وسليمان شاه فما راحوا. وأقبلت المغل كاللّيل المظلم، وكان الخليفة قد أهمد حال الْجُنْد وتعثّروا وافتقروا، وقُطِعت أخبازهم، ونُظِم الشعْر فِي ذلك، فلا قوّة إلّا باللَّه [٢] .


[١] في الأصل: «فطولب بمسك» .
[٢] الحوادث الجامعة ١٥٤.