للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[تدريس ابن الجوزي تحت منظرة الخليفة]]

وفي رجب تكلم ابن الجوزيّ، قَالَ [١] : تقدّم إليَّ بالجلوس تحت منظرة أمير المؤمنين، فتكلّمت بعد العصر، وحضر السّلطان، واكترى النّاس الدّكاكين، وكان موضع كلّ رَجُل بقيراط، حتّى إنّه اكتُرِيَت دُكّانٌ بثمانية عشر قيراطا. ثمّ جاء رَجُلٌ فأعطاهم ستَّة قراريط حتّى جلس معهم. ودرّست بالمدرسة الّتي وَقَفْتها أمّ الخليفة، وحضر قاضي القُضاة، وخُلِعَت عليَّ خِلْعة، وألقيت يومئذٍ دروسا كثيرة من الأُصول والفُروع. ووقف أهل باب النُّوبّي إلى باب هذه المدرسة كما يكون العيد وأكثر. وعلى باب المدرسة أُلُوف، وكان يوما مشهودا، لم يُرَ مثلُه. ودخل عَلَى قلوب أرباب المذاهب غمٌّ عظيم.

وتقدَّم ببناء دِكَّةٍ لنا في جامع القصر، فانزعجوا، وقالوا: ما جَرَت عادة الحنابلة بدِكَّة، فبُنيت وجلستُ فيها [٢] .

[[فتنة الأمير تتامش]]

وكان الأمير تُتَامُش قد بعث إلى بلد الغرّاف [٣] من نهبهم وآذاهم، ونجا منهم جماعة، فاستغاثوا، ومنعوا الخطيب أن يخطب، وفاتت الصّلاة أكثر النّاس، فأنكر أمير المؤمنين ما جرى، وأمر تُتَامُش وزوج أخته قايماز، فلم يَحْفِلا بالإنكار، وأصرّا عَلَى الخلاف، وجرت بينهما وبين ابن العطّار مُنَابَذَات، ثمّ أصلح بينهم. فلمّا كَانَ الغد، أظهروا الخلاف، وضربوا النَّار فِي دار ابن العطّار، وطلبوه فاختفى. فطلب الخليفة قايماز فأبى، وبارز بالعناد.

وكان قد حلّف الأمراء، وخرج هُوَ وتُتَامِش وجماعةٌ من الأمراء من بغداد، فَنَهَبت العوامُّ دُورَهم، وأخذوا أموالا زائدة عَنِ الحَدّ [٤] .


[١] في المنتظم ١٠/ ٢٥٢، ٢٥٣ (١٨/ ٢١٤، ٢١٥) .
[٢] مرآة الزمان ٨/ ٣٢٦، البداية والنهاية ١٢/ ٢٩١.
[٣] الغرّاف: بالتشديد، على وزن فعّال. وهو نهر كبير تحت واسط بينها وبين البصرة، وعلى هذا النهر كورة فيها قرى كثيرة وهي بطائح. (معجم البلدان ٤/ ١٩٠) .
[٤] المنتظم ١٠/ ٢٥٣، ٢٥٤ (١٨/ ٢١٥) .