للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَ ضِمَادٌ مَكَّةَ، وَهُوَ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ، وَكَانَ يَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيَاحِ [١] فَسَمِعَ سُفَهَاءَ مِنْ سُفَهَاءِ النَّاسِ يَقُولُونَ إِنَّ مُحَمَّدًا مَجْنُونٌ، فَقَالَ:

آتِي هَذَا الرَّجُلَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَشْفِيَهُ عَلَى يَدَيَّ، قَالَ: فَلَقِيتُ مُحَمَّدًا فَقُلْتُ:

إِنِّي أَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيَاحِ، وَإِنَّ اللَّهَ يَشْفِي عَلَى يَدَيَّ مَنْ يَشَاءُ، فَهَلُمَّ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ: إِنَّ الْحَمْدَ للَّه نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِي اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورسوله، أمّا بعد، فقال: [٢] والله لقد سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ، وَقَوْلَ السَّحَرَةِ، وَقَوْلَ الشُّعَرَاءِ، فَمَا سَمِعْتُ مِثْلَ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ [٣] ، فَهَلُمَّ يَدَكَ أُبَايِعْكَ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَبَايَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَهُ:

«وَعَلَى قَوْمِكَ» فَقَالَ: وَعَلَى قَوْمِي. فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً، فَمَرُّوا بِقَوْمِ ضِمَادٍ. فَقَالَ صَاحِبُ الْجَيْشِ لِلسَّرِيَّةِ: هَلْ أَصَبْتُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ شَيْئًا؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: أَصَبْتُ مِنْهُمْ مِطْهَرَةً، فَقَالَ: رُدُّوهَا عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُمْ قَوْمُ ضِمَادٍ.

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ [٤] .

إِسْلَامُ الْجِنِّ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً من الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ ٤٦: ٢٩


[١] في صحيح مسلّم «الريح» ، وفي النهاية لابن الأثير «إنّي أعالج من هذه الأرواح» ، والأرواح أو الريح كناية عن الجنّ.
[٢] في المنتقى لابن الملا «فقال ضماد» .
[٣] في حاشية الأصل و (ع) «ولقد بلغن قاموس البحر» وفي روآية «ناعوس» . ولفظ «قاموس» هو المشهور في روآيات الحديث في غير صحيح مسلّم. وقال القاضي عياض: أكثر نسخ صحيح مسلّم وقع فيها «قاعوس» . قال أبو عبيد: قاموس البحر وسطه، وقال ابن دريد:
لجّته. وقال صاحب كتاب العين: قعره الأقصى. (انظر: صحيح مسلّم) .
[٤] صحيح مسلّم (٨٦٨) كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، وأخرجه البيهقي في دلائل النبوّة ٢/ ١٠، وابن الجوزي في صفة الصفوة ١/ ٦٠٤- ٦٠٥، وفيه: أخرج هذه القصة أيضا الإمام أحمد في مسندة برقم ٢٧٤٩ وأخرجها أيضا النسائي في السنن، وأبو نعيم في دلائل النبوّة برقم ١٨٧ بتحقيق قلعة جي وعبّاس.