للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سكِرْتُ مِنْ صوته عند السّماع لَهُ [١] ... ما لست أسكر مِنْ صهباء جربالِ

ما رُمتُ إمساكَ نفسي عند رؤيته ... إلّا تغيّرت مِنْ حالٍ إلى حالٍ

لو اشتريتُ بعُمري ساعة سَلَفَتْ ... مِنْ عيشتي معه ما كَانَ بالغالِ [٢]

- حرف الميم-

٣٠٥- مجاهد الدّين الدُّوَيدار [٣] .

المُلْك، مُقَدَّم جيوش العراق.

كَانَ بطلا شجاعا موصوفا بالرّأي والإقدام. كَانَ يَقُولُ: لو مكّنني أمير المؤمنين المستعصم لقهرت هولاكو.

قُتِل وقت غلبة العدوّ على بغداد صبرا.

وكان مغري بالكيميا، لَهُ دار فِي داره فيها عدّة رجال يعملون هذه الصّناعة، ولا تصحّ. فقرأت بخطّ كاتبه ابن وداعة قَالَ: حدَّثني الصّاحب مُجير الدّين بْن النّحّاس قَالَ: ذهبت فِي الرّسليّة إلى المستعصم، فدخلت دار المُلْك مجاهد الدّين، وشاهدت دار الكيميا. فقال لي: بينما أَنَا راكبٌ لقِيني صوفيّ فقال: يا ملك خُذ هذا المثقال وألقه عَلَى مائة مثقال فضّة، وألق المائة عَلَى عشرة آلاف تصير ذَهَبًا خالصا.

ففعلتُ ذَلِكَ، فكان كما قَالَ. ثُمَّ إنّي لقيتهُ بعدُ فقلت: علّمني هذه الصّناعة. فقال: ما أعرفها، لكنه أعطاني رجلٌ صالحٌ خمسَة مثاقيل أعطيتُك مِثقالًا، ولملك الهند مثقالا، ولشخصين مثقالين، وبقي معي مثقال أعيش بِهِ.

ثُمَّ حدَّثني مجاهد الدّين قَالَ: عندي مِنْ يدّعي هذا العلم، وكنت أخليت لَهُ دارا عَلَى الشّطّ، وكان مُغْري بصيد السّمك، فأحضرت إِليْهِ مِنْ ذَلِكَ الذّهب، وحكيت لَهُ الصّورة، فقال: هذا الَّذِي قد أعجبك؟! وكان فِي يده شبكة يصطاد بها، فأخذ منها بلّاعة فولاذ، ووضع طرفها فِي نار، ثمّ أخرجها،


[١] في عيون التواريخ ٢٠/ ١٦٤ «من صوته لما أشار به» .
[٢] في الأصل: «بالغالي» . والأبيات في ذيل المرآة، والمختار، وعيون التواريخ.
[٣] انظر عن (مجاهد الدين الدويدار) في: الحوادث الجامعة ١٨٧، وعيون التواريخ ٢٠/ ١٣٤، والبداية والنهاية ١٣/ ٢٠٣.