للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السّعيد فيمن مات، وهلك الخلق. ورمى رجلٌ نفسَه من القلعة وأخبر التّتار بموت السُّلطان، فبعثوا إلى ابنه الملك المظفّر وطلبوا منه الدّخول فِي الطّاعة.

[[كتاب هولاكو إلى الناصر]]

وفي وسط العام قُرئَ بدمشق كتابُ هولاكو بسبب النّاصر، وذلك قبل أن يصل إليه. وهو: «أمّا بعدُ، فنحن جنود الله، بنا ينتقم ممّن عتا وتجبّر، وطغى وتكبّر، وباللَّه [١] ما ائتمر. إن عوتب تنمّر، وإن روجع استمر» . ونحن قد أهلكنا البلاد، وأبدنا العباد، وقتلنا النّسوان والأولاد [٢] . فيا أيّها الباقون، أنتم بمن مضى لاحقون، ويا أيّها الغافلون أنتم إليهم تساقون. ونحن جيوش الهلكة، لا جيوش الملكة، مقصودنا الانتقام، وملكنا لا يُرام، ونزيلنا لا يُضام، وعدْلُنا فِي مُلكنا قد اشتهر، ومن سيوفنا [٣] أَيْنَ المَفَر؟

أَيْنَ المفرّ لا مفرّ لهاربٍ ... ولنا البسيطان الثرَى والماءُ

ذلّت لهيبتنا الأسودُ وأصبحتْ ... فِي قبضتي الأمراء والخلفاءُ

ونحن إليكم صائرون، ولكم الهرب، وعلينا الطّلب [٤] .

ستعلم ليلى أيّ دين تدايَنَتْ ... وأي غريمٍ للتّقاضي غريمُها [٥]

دمّرنا البلاد، وأيتمنا الأولاد، وأهلكنا العباد، وأذقناهم العذاب [٦] ، وجعلنا عظيمهم صغيرا، وأميرهم أسيرا. تحسبون [٧] أنّكم منّا ناجون أو متخلّصون، وعن قليلٍ سوف تعلمون على ما تقدمون، وقد أعذر من أنذر» [٨] .


[١] في المختار من تاريخ ابن الجزري ٢٥٥: «وبأمر الله» .
[٢] في المختار من تاريخ ابن الجزري ٢٥٥: «والولد» .
[٣] في المختار من تاريخ ابن الجزري ٢٥٥: «ومنا أين المفرّ» .
[٤] هذه العبارة ليست في: المختار.
[٥] في المختار: «وأي عريم بالتقاضي غرتها» وهو غلط.
[٦] في المختار: «العذاب الأليم» .
[٧] في المختار: «أتحسبون» .
[٨] المختار ٢٥٥، عيون التواريخ ٢٠/ ٢٢٥، ٢٢٦، السلوك ج ١ ق ٢/ ٤٢٧- ٤٢٩، تاريخ الخلفاء ٤٣٦ وفيه زيادة: «وأنصف من حذر» .