ثُمَّ إنّ المُعِزّ حمل عَلَى النّاصر، فانهزم وكُسِرَت سناجقُه، ونُهِبَ ما معه، وأُسِر بعضهم، ونجا البعض. وانضاف بعض العزيزيّة إلى المُعِزّ وكثُر جَمْعه، فلقد أساء شمسُ الدّين لؤلؤ التّدبيرَ فِي تَرْكِه السُّلطانَ فِي قِلٍّ من النّاس خلفه، وكان ينبغي لَهُ وللعسكر أن يُلازموه إلى أن ينزل بالمنزلة. ولو فعلوا ذَلِكَ لَمَلَكُوا البلاد. فأسَرَ أصحاب المُعِزّ الملكَ الصّالحَ إِسْمَاعِيلَ والأشرفَ صاحب حمص، والمعظَّمَ وَلَدَيِ السّلطان صلاح الدّين. وبلغ لؤلؤ هرب السّلطان فقال: ما يضرّنا بعد أن انتصرنا، هُوَ يعود إذا تمكّنا.
ثُمَّ كرَّ راجعا فِي جَمْعٍ، وحمل عَلَى الملك المُعِزّ، فحمل عَلَيْهِ أيضا، فانكسر جماعة لؤلؤ، وأُسَر هُوَ وضياءُ الدّين القيمريّ، فحدّثني حسام الدّين ابن أَبِي عَلِيّ قَالَ: ما رَأَيْت أَحسن ثَبَاتًا من لؤلؤ، ولا أشدّ صبرا. لم يتكلَّم بكلمةٍ ولا ذَلّ ولا خضع ولا اضطرب حتّى أَخَذَتْهُ السّيوف.
- حرف الميم-
٥٢٩- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ.
القاضي أَبُو القاسم الْجَيّانيّ، الأندلُسيّ.
من كبار المُسْنِدِين.
روى عن: ابن المجد، والسُّهَيْليّ، وَأَبِي عَبْد اللَّه بْن زَرقون بالإجازة.