للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ترجمة صَدَقة بْن منصور]

وكان صَدَقة كثير المحاسن بالجملة، محبَّبًا إلى الرعيّة، لم يتزوَّج عَلَى امرأته، ولا تَسَرَّى عليها. وكان عنده ألوف مجلّدات من الكتب النّفيسة. وكان متواضعًا محتملًا، كثير العطاء [١] .

[سفر فخر المُلْك ابن عمّار إلى بغداد]

وأمّا طرابُلُس، فلمّا طال حصارها، وقلَّت أقواتُها، وعظُمت بليّتُها ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه، منَّ الله عليهم سنة خمسمائة بميرة جاءتهم مِن البحر، فتقوَّوْا شيئًا. واستناب فخر المُلْك أبو عليّ بْن عمار عَلَى البلدان ابن عمه، وسلف المقاتلة رزق ستة أشهر. وسار منها إلى دمشق ليمضي إلى بَغْدَاد فأظهر ابن عمه العصيان، ونادى بشعار المصريّين، فبعث فخر المُلْك إلى أصحابه، فأمرهم بالقبض عَليْهِ، ففعلوا بِهِ ذَلِكَ. واستصحب فخر المُلْك معه تُحَفًا ونفائس وجواهر وحُلي [٢] غريبة، فأحترمه أمير دمشق وأكرمه، ثمّ سار إلى بغداد، فدخلها في رمضان قاصدًا باب السّلطان، مستنفرًا عَلَى الفرنج، فبالغ السّلطان محمد في احترامه. وكان يوم دخوله مشهودًا. ورتَّب لَهُ الخليفة الرّواتب العظيمة. ثمّ قِدم للسّلطان التّقادم، وحادثه السّلطان في أمر قتال الفرنج، فطلب النّجدة، وضمن الإقامة بكفاية العساكر، فأجابه السّلطان. وقدّم للخليفة أيضًا، وحضر دار الخلافة وخُلع عَليْهِ. وجرّد السّلطان معه عسكرًا [٣] لم يُغْنِ شيئا [٤] .


[١] انظر عن (صدقة بن منصور) في: المنتظم ٩/ ١٥٩ رقم ٢٥٥ (١٧/ ١١١ رقم ٣٧٧٧) ، والكامل في التاريخ ١٠/ ٤٤٨، ٤٤٩، ومرآة الزمان ج ٨ ق ١/ ٢٥، ٢٦، ونهاية الأرب ٢٦/ ٣٦٨، والعبر ٤/ ١، ٢، وتاريخ ابن الوردي ٢/ ١٩، ومرآة الجنان ٣/ ١٧٠، النجوم الزاهرة ٥/ ١٩٦.
[٢] في الأصل: «حلا» .
[٣] في الأصل: «عسكر» .
[٤] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) ٣٦٣ (تحقيق سويم) ٢٩، الكامل في التاريخ ١٠/ ٤٥٢، ٤٥٣، أخبار مصر لابن ميسّر ٢/ ٤٣، نهاية الأرب ٢٨/ ٢٦٥، المختصر في أخبار البشر ٢/ ٢٢٣، دول الإسلام ٢/ ٣٠، البداية والنهاية ١٢/ ١٦٩، تاريخ ابن خلدون ٥/ ٣٨، ٣٩، وكتابنا: تاريخ طرابلس السياسي والحضاريّ (طبعة ثانية) ج ١/ ٤٢٥- ٤٢٩.