نائب المملكة، الأمير الكبير حسام الدّين، أَبُو سَعِيد المنصوريّ، السّيفيّ.
كَانَ من رجال العالم رأيا وحزْمًا ودهاء وذكاء وشجاعة وسياسة وهيبة وسطوة.
اشتراه المنصور فِي حال إمرته من أولاد المَوْصليّ، فرآه مُجيبًا لبيبا، فترقّى عنده إلى أن جعله أستاذ داره، وفوّض إلَيْهِ جميع أموره، واعتمد عَلَيْهِ.
فلمّا وُلي السّلطنة جعله نائبة، وردّ إلَيْهِ أمر الممالك، فكان لَيْسَ فوق يده يد.
وكان لَهُ أثرٌ ظاهر يوم وقعة حمص. وكان السّلطان لا يكاد يُفارقه إلّا عَنْ ضرورة. وقد سيّره إلى الأمير شمس الدّين سُنْقُر الأشقر ولمحاصرته فدخل دمشق دخولا مشهودا لا يكاد يدخله إلّا سلطان من التّجمُّل والزّينة ولعب النَّفط. ثمّ سار إلى صهيون، وانتزع من سُنْقر الأشقر بلاده. وحلف لَهُ وأنزله، ورجع وهو معه. وقد حصل طَرْنطاي من الأموال والخيل والمماليك والأملاك وغير ذَلِكَ ما يفوق الإحصاء. وبنى مدرسة بالقاهرة، ووقف عَلَى الأسرى. وكان مليح الشكل، مهِيبًا لم يتكهّل.