للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان ألف ألف دينار وألَفْي دِرهم.

وفُقِد [١] الحاكم، فماجوا في اليوم الثّالث وقصدوا الجبل، فلم يقفوا لَهُ عَلَى أثرٍ، فعادوا إلى أخته فسألوها عَنْهُ فقالت: قد كَانَ راسلني قبل ركوبه، وأعلمني أنّه يغيب سبعة أيام. فانصرفوا مطمئنين. ورتّبت رِكابيّةً يمضون ويعودون كأنهم يقصدون موضعه، ويقولون لكّل مِن سألهم: فارقناه في الموضع الفُلانيّ، وهو عائدٌ في يوم كذا.

[تدبير أخت الحاكم لقتل ابن دوّاس]

ولم تزل الأخت في هذه الأيّام تدعو وجوه القُوَّاد تستحلفهم وتُعطيهم. ثمّ ألبست أبا الحَسَن عليّ بْن الحاكم أفخر الثّياب وأحضرت ابن دوّاس وقالت:

المعوَّل في القيام بهذه الدّولة عليك، وهذا ولدك.

فقبّل الأرض. وأخرجت الصّبيّ ولقّبته بالظّاهر لإعزاز دين الله، وألبسته تاج المُعِزّ، جدّها، وأقامت المأتم عَلَى الحاكم ثلاثة أيام. وهذَّبت الأمور، وخلعت عَلَى ابن دوّاس خِلَعًا كثيرة، وبالغت في رفْع منزلته، وجلس معظَّمًا.

فلمّا ارتفع النّهار خرج تسنيم صاحبُ السّرّ [٢] والسّيفُ مَعه ومعه مائة رَجُل كانوا يختصّون بركاب السّلطان ويحفظونه، يعنى سِلَحْداريّة [٣] ، فسُلّموا إلى ابن دوّاس يكونون بحكمه. وتقدَّمت إلى تسنيم [٤] أن يضبط أبواب القصر، ففعل. وقالت لَهُ: أخرج بين يدي ابن دوَّاس فُقلْ: يا عبيدُ مولانا، الظّاهرُ أمير المؤمنين يَقُولُ لكم: هذا قاتِلُ مولانا الحاكم، واعلُهْ بالسَّيف. ففعل ذَلِكَ.

ثمّ قتلت جماعةً ممّن اطّلع على سرّها فعظمت هيبتها [٥] .


[١] من هنا يعود المؤلّف- رحمه الله- إلى النقل عن: (المنتظم لابن الجوزي) .
[٢] في: (المنتظم ٧/ ٣٠٠) : «نسيم صاحب الستر» ، وكذا في: اتعاظ الحنفا ٢/ ١٢٥ و ١٢٧ وهو «نسيم الصقلبي» .
[٣] سلحداريّة: كلمة مركبة من «سلح» أي سلاح، و «داريّة» أي «الدار» ، فيكون المعنى: دار السلاح، والسّلحدارية: أي جند السلطان.
[٤] في (المنتظم) : «نسيم» ، ومثله في: (الدّرّة المضيّة) ص ٣٠٠.
[٥] المنتظم ٧/ ٢٩٩، ٣٠٠.
وانظر أيضا: تاريخ الأنطاكي (بتحقيقنا) ص ٣٧٣، والكامل في التاريخ ٩/ ٣١٤- ٣١٧