وكان الْحَسَن هذا من رجال العالم رأيا ودهاء، وله فضل وأدب وشعر جيّد وتصانيف فِي التّصوُّف. وله أتباعٌ ومُرِيدون يتغالون فِيهِ. وبينه وبين الشَّيْخ عديّ من الفَرْق ما بينَ القَدَم والفَرْق.
وبلغ من تعظيم العدويّة لَهُ فيما حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّد الْحَسَن بْن أَحْمَد الإربليّ قَالَ: قدِم واعظٌ عَلَى الشَّيْخ حَسَن هذا فوعظ حتّى رقّ حَسَن وبكى وغُشي عَلَيْهِ، فوثب بعض الأكراد عَلَى الواعظ فذبحوه. ثُمَّ أفاق الشَّيْخ حسن فرآه يتخبّط فِي دمه فَقَالَ: ما هذا؟ فقالوا: والا أَيْشٍ هذا من الكلاب حتّى يُبْكِي سيّدي الشَّيْخ؟! فسكت حفظا لدَسْته وحُرْمته.
قلت: وقد خاف منه الملك بدر الدّين لؤلؤ صاحب المَوْصِل، وعمل عَلَيْهِ حتّى قبض عَلَيْهِ وحبسه، ثُمَّ خنقه بوَتَرٍ بقلعة المَوْصِل خوفا من الأكراد، لأنّهم كانوا يشنُّون الغارات عَلَى بلاده، فخشي لا يأمرهم بأذى وإشارة فيخرّبون بلاد المَوْصِل لشدّة طاعتهم لَهُ.
وفي الأكراد طوائف إلى الآن يعتقدون أنّ الشَّيْخ حسن لا بدّ أن يرجع،
[١] انظر عن (الحسن بن عديّ) في: تاريخ إربل لابن المستوفي ١/ ١١٦- ١٢١ رقم ٤٣، والمختار من تاريخ ابن الجزري ٢٠٦- ٢٠٨، والعبر ٥/ ١٨٣ وفيه «الحسن بن علي» وهو تصحيف، وسير أعلام النبلاء ٢٣/ ٢٢٣، ٢٢٤ رقم ١٤٣، والوافي بالوفيات ١٢/ ١٠١- ١٠٣ رقم ٨٨، وفوات الوفيات ١/ ٣٣٤- ٣٣٦ رقم ١١٧، والعسجد المسبوك ٢/ ٥٤٩، وتحفة الأحباب للسخاوي ١٨٨، وشذرات الذهب ٥/ ٢٢٩، وإيضاح المكنون ٢/ ٧١٨، ومعجم المؤلفين ٣/ ٢٤٥.