للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[محاصرة الإفرنج صور]]

وفيها أخذت الفرنج صور، وكان بها عسكر للعُبَيْدييّن ونائبٌ إلى سنة ستّ وخمسمائة، فحاصرتها الفرنج، وخرَّبوا ضِياعها، ثمّ نَجَدَهُم صاحب دمشق طُغتِكين، وأمدَّهم بما يُصلحهم، ولم يقطع منها خطبة المصرييّن، فبعث إليه صاحب مصر يشكره ويُثْني عَليْهِ، وجهَّز لها أسطولًا [١] .

[القبض عَلَى والي صور]

واستقام أمرها عشر سنين لأمر مسعود الطّغْتكِينيّ، لكنّه كثرت الشّكاية منه، فجاء أصطول مِن مصر، ومعهم أمرٌ أن يقبضوا عَلَى مسعود، فخرج مسعود للسّلام عَلَى مقدَّم الأصطول، وطلع إلى المركب، فقبض عَليْهِ المقدّم، ونزل إلى البلد، فاستولى عَليْهِ، وبعث مسعودا إلى مصر، فأكرموه وردّوه إلى دمشق، فرضي طُغتِكين بذلك [٢] .

[[عودة الفرنج لمحاصرة صور وسقوطها]]

وتحرّكت الفرنج، وقويت أطماعهم، فرأى المصريّون أن يردّوا أمرها إلى طُغتِكين، وراسلوه بذلك، فملكها، ورتّب بها الْجُنْد، فنازلها الفرنج، وجَدُّوا في الحصار، وقلَّت بها الأقوات. وسار طُغتِكين إلى بانياس ليرهب الفرنج، فما فكّروا فيه، واستنجد بالمصرييّن، فما نجدوه، وتمادت الأيّام، وأشرف أهلها على الهلاك، فراسل طغتكين ملك الفرنج، على أن يسلّمها إليه، ويمكّن أهلها مِن حمل ما يقدرون عَليْهِ مِن الأمتعة، فأجابه إلى ذَلِكَ، ووفى بالعهد، وتفرَّقت أهلوها في البلاد، ودخلها الفرنج في الثّالث والعشرين مِن جُمَادَى الأولى.

وكانت مِن أمنع حصون الإسلام، فإنا للَّه وإنّا إِليْهِ راجعون. ودامت في يد الفرنج إلى سنة تسعين وستّمائة [٣] .


[ () ] البشر ٢/ ٢٣٧، ودول الإسلام ٢/ ٤٤، والعبر ٤/ ٤٢، وتاريخ ابن الوردي ٢/ ٣٢، مرآة الجنان ٣/ ٢٢٢، البداية والنهاية ١٢/ ١٩٤.
[١] الكامل في التاريخ ١٠/ ٦٢٠، نهاية الأرب ٢٨/ ٢٧١.
[٢] ذيل تاريخ دمشق ٢١١، الكامل في التاريخ ١٠/ ٦٢٠، ٦٢١، نهاية الأرب ٢٨/ ٢٧١، ٢٧٢، الدرّة المضيّة ٤٩٠، اتعاظ الحنفا ٣/ ٩٦.
[٣] انظر عن سقوط صور في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) ٣٧٤ (وتحقيق سويم) ٣٩،