للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت أختها تحته وهي أمّ الفضل فزوّجها العبّاس رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فَلَمَّا قدم أمر أصحابه فقال: اكشفوا عَنِ المناكب واسعوا فِي الطَّواف، ليرى المشركون جَلَدَهم وقوَّتهم، وكان يكايدهم بكلّ ما استطاع. فاستكفّ أهل مكة- الرجال والنّساء والصّبيان- ينظرون إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ وهم يطوفون بالبيت. وعبد الله بْن رواحة يرتجز بين يدي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ متوشّحًا بالسيف يَقْولُ [١] :

خَلُّوا بني الكُفَّار عَنْ سبيله ... أَنَا الشهيد أنّه رسولهْ

قد أنزل الرَّحْمَن فِي تنزيلهْ ... فِي صحف تُتْلى عَلَى رسولهْ

فاليوم نضربكم عَلَى تأويلِهْ ... كما ضَربْناكم عَلَى تنزيلهْ

ضرْبًا يُزيل الهامَ عَنْ مَقِيلَهْ ... وَيُذْهِلُ الخليلَ عَنْ خليلهْ

وتغيّب رجال من أشرافهم أن ينظروا إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْظًا وحنقًا، ونفاسة وحَسَدًا، خرجوا إلى الخَنْدَمَة [٢] . فَقَامَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة، وأقام ثلاث ليالٍ، وكان ذَلِكَ آخر الشرط. فلما أصبح من اليوم الرابع أتاه سُهَيْلُ بْن عَمْرو وغيره، فصاح حُوَيْطِب بْن عَبْد العُزَّى: نناشدك الله والعقد لما خرجتَ من أرضنا فقد مضت الثلاث. فقال سعد بْن عُبَادة: كذبتَ لا أُمّ لك لَيْسَ بأرضك ولا بأرض آبائك، [والله] [٣] لا نخرج. ثُمَّ نادى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُهَيلًا وحُوَيْطبًا، فقال: «إنّي قد نكحت فيكم امرأةً فما يضرّكم أن أمكث حتى أدخل بِهَا، ونصنع الطعام فنأكل وتأكلون معنا» . قَالُوا: نناشدك الله والعقد، إلّا خرجت عنّا. فأمر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أبا رافع فأذّن بالرحيل. وركب


[١] ديوانه: ص ١٠٠- ١٠١ باختلاف في الألفاظ وفي ترتيب الأبيات، وكذلك في سيرة ابن هشام ٤/ ٦٩، والطبقات لابن سعد ٢/ ١٢١، وتاريخ الطبري ٣/ ٢٤ والمغازي لعروة ٢٠٢.
[٢] الخندمة: جبل من جبال مكة. (معجم البلدان ٢/ ٣٩٢) .
[٣] ليست في الأصل، وأثبتناه من ع.