للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السّجِسْتانيّ الحديثُ، كما لُيِّنَ لداود الحديدُ.

وقَالَ أبو عُمَر الزّاهد: قَالَ إِبْرَاهِيم الحربيّ: أُلِين لأبي دَاوُد الحديثُ كما أُلينَ لداود عليه السلام الحديد.

وقَالَ مُوسَى بْن هارون الحافظ: خُلِق أبو دَاوُد فِي الدُّنيا للحديث، وَفِي الآخرة للجنَّة. ما رأيت أفضل منه.

وقَالَ ابن داسة: سمعت أبا داود يقول: كتبت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خمسمائة ألف حديث، وانتخبت منها ما ضمّنته كتاب «السّنن» . جمعت فيه أربعة آلاف وثمانمائة حديث، ذكرت الصّحيح وما يشبهه ويُقاربه. فإنْ كان فيه وهن شديد بيّنته [١] .

قلت: وقا [ل] رحمه الله بِذَلِك فإنّه يبيّن الضّعيف الظّاهر، ويسكت عن الضّعيف المحتمل. فَمَا سكت لا يكون حَسَنًا عنده ولا بدّ، بل قد يكون فِيهِ ضعفٌ ما.

وقَالَ زكريا السّاجيّ: كتاب الله أصل الْإِسْلَام، وكتاب أبي دَاوُد عهد الْإِسْلَام.

وقَالَ أَحْمَد بْن محمد بْن ياسين الهَرَوي فِي «تاريخ هَرَاة» : أبو دَاوُد السِّجْزيّ كان أحد حُفاظ الْإِسْلَام لَحَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعِلْمه وعِلَله، وسنده، في أعلى درجة النّسْك والعَفاف والصلاح والورع. من فُرْسان الحديث [٢] .

قلت: وتفقَّه بأحمد بْن حنبل، ولازمه مدّة. وكان من نُجَباء أصحابه، ومن جِلَّة فُقَهاء زمانه، مع التقدُّم فِي الحديث والزُّهد.

روى أبو مُعَاوِيَة، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ، عن عَبْد الله أنّه كَانَ يُشبه بالنّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هدْيِهِ ودَلِّهِ. وكان علقمة يشبَّه بابن مسعود.


[١] تاريخ بغداد ٩/ ٥٧.
[٢] تاريخ بغداد ٩/ ٥٨، وانظر ما قاله ابن حبّان في «الثقات» ٨/ ٢٨٢.