من بلاد أرمينية فالجبال، وسار إلى جهة مصر، فالتقاه خمارويه فهزمه خمارويه، وكانت ملحمة مشهورة.
ثُمَّ ساق خُمَارَوَيْه حَتَّى بلغ الفُرات ودخل أصحابه الرُّوم، وعاد وقد ملك من الفرات إلى النُّوبة. وَلَمَّا استُخلف المُعْتَضِد بادر خُمَارَوَيْه وبعث إِلَيْهِ بالهدايا والتحف، وسأله أن يُزَوِّج ابنته قطْر النَّدي بولده المُكْتَفِي باللَّه.
فَقَالَ المُعْتَضِد: بل أنا أتزوجها.
فتزوج بها في سنة إحدى وثمانين، ودخل بها في آخر العام.
وأصْدَقها ألف ألف درهم. فَقِيلَ: إنَّ المُعْتَضِد أراد بزواجها أن يُفقر أباها. وكذا وقع، فَإِنَّهُ جهزها بجهاز عظيم يتجاوز الوصف. حَتَّى قِيلَ إِنَّهُ أدخل معها ألف هاونٍ من الذَّهَب، والله أعلم بصحة ذَلِكَ.
والتزم للمعتضد أن يحمل إِلَيْهِ في السنة مائتي ألف دينار، بعد القيام بمصالح بلاده.
قَالَ ابن عساكر [١] : قرأت بخطّ أَبِي الحُسَيْن الرَّازِيّ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيم بن محمد بن صالح الدِّمَشْقِيّ قَالَ: كان أبو الجيش كثير اللّواط بالخَدَم مجترئًا عَلَى الله. بلغ من أمره أَنَّهُ دخل الحمام، فأراد من واحدٍ الفاحشة، فأمر أن يدخل في دُبُره يد كرنيب. ففعل بِهِ، فصاح واضطرب في الحمام إلى أن مات. فأبغضه الخَدَم، واستفتوا العُلَمَاء في حدّ اللّوطيّ، فقالوا: حدّه الْقَتْلُ.
فتواطئوا عَلَى قتله، فقتلوه في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين في قصر [دير] مُرّان ظاهر دمشق. وهربوا، فظفر بهم طُفّ بن جُفّ الأمير، فأدخلهم دمشق، ثُمَّ ضرب أعناقهم.
وَقِيلَ إِنَّهُ نُقل إلى مصر، فدُفن عند أَبِيهِ.
وَرَوَى عبد الوهاب بن الحَسَن بن الحَسَن الكلابي، عن أَبِيهِ أَنَّهُ ذهب إلى حمص، قَالَ: عرفني مؤذن الجامع، فأضافني في المئذنة في لَيْلَةٍ مُقمرة، فَلَمَّا كَانَ وقت السَّحر قام يؤذّن. فأشرفت في المئذنة، فَإِذَا بكلبٍ قد جاء بكلبٍ، فقام إليه فقال: من أين جئت؟