للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ: وَقِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ قَدِ اسْتَخْلَفَ بِنْتَهُ فَقَالَ: «لَا يُفْلِحُ قَوْمٌ تَمْلِكُهُمُ [١] امْرَأَةٌ» [٢] . وَيُرْوَى أَنَّ كِسْرَى كَتَبَ إِلَى بَاذَامَ عَامِلِهِ بِالْيَمَنِ يَتَوَعَّدُهُ وَيَقُولُ: أَلَا تَكْفِينِي رَجُلًا خَرَجَ بِأَرْضِكَ يَدْعُونِي إِلَى دينه؟ لتكفينه أَوْ لَأَفْعَلَنَّ بِكَ. فَبَعَثَ الْعَامِلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُسُلًا وَكِتَابًا، فَتَرَكَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ قَالَ: «اذْهَبُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ فَقُولُوا: إِنَّ رَبِّي قَدْ قَتَلَ رَبَّكَ اللَّيْلَةَ» [٣] . وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَقْبَلَ سَعْدُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلَكَ- أَوْ قَالَ: قُتِلَ- كِسْرَى. فَقَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ كِسْرَى، أَوَّلُ النَّاسِ هَلاكًا فَارِسٌ ثُمَّ الْعَرَبُ» [٤] . وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ. وَقَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، كِلاهُمَا يَقُولُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَاللَّفْظُ لِصَالِحٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ كِسْرَى بَيْنَمَا هُوَ فِي دَسْكَرَةِ مُلْكِهِ، بُعِثَ لَهُ- أَوْ قُيِّضَ لَهُ- أو قيّض له- عارض فعرض عَلَيْهِ الْحَقُّ، فَلَمْ يَفْجَأْ كِسْرَى إِلا الرَّجُلُ يَمْشِي وَفِي يَدِهِ عَصًا فَقَالَ: يَا كِسْرَى هَلْ لَكَ فِي الإِسْلامِ قَبْلَ أَنْ أَكْسِرَ هَذِهِ الْعَصَا؟ قَالَ كِسْرَى: نَعَمْ؟ فَلا تَكْسِرْهَا. فولّى الرجل. فلما ذهب [٨٨ ب] أُرْسِلَ كِسْرَى إِلَى حُجَّابِهِ فَقَالَ: مَنْ أَذِنَ لِهَذَا؟ قَالُوا: مَا دَخَلَ عَلَيْكَ أَحَدٌ. قَالَ: كَذَبْتُمْ. وَغَضِبَ عَلَيْهِمْ وَعَنَّفَهُمْ، ثُمَّ تَرَكَهُمْ. فَلَمَّا كَانَ رَأْسُ الْحَوْلِ أَتَاهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ بِالْعَصَا فَقَالَ كَمَقَالَتِهِ.

فَدَعَا كِسْرَى الْحُجَّابَ وَعَنَّفَهُمْ. فَلَمَّا كان الحول المستقبل، أتاه ومعه العصا


[١] في طبعة القدسي أثبتها «تملكتهم» ... وما أثبتناه عن مسند أحمد.
[٢] أخرجه أحمد في مسندة ٥/ ٤٣.
[٣] أخرجه أحمد في مسندة ٥/ ٤٣ وهو في الحديث الّذي قبله، وانظر طبقات ابن سعد ١/ ٢٦٠ و.
[٤] أخرجه أحمد في مسندة ٢/ ٥١٣ من طريق عبد الله عن أبيه عن الأسود بن عامر عن أبي بكر بن عياش، عن داود، عن أبيه، عن أبي هريرة، وفيه قدّم هلاك العرب على الفرس.