للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقِيلَ: كَانَ عَمْرو مكاري حُمَيْر [١] .

قَالَ عُبَيْد الله بن طاهر: عجائب الدُّنْيَا ثلاث: جيش العَبَّاس بن عَمْرو الغنوي، يؤسَر العَبَّاس، ويسلَم وحده، ويُقتل جميع جيشه، وكانوا عشرة آلاف.

يعني قتلهم القرامطة. وجيش عَمْرو بن اللَّيْث الصَّفَّار، يؤسَر عَمْرو وحده، ويموت في سجن الخليفة، ويسْلَم جميع جيشه، وكانوا خمسين ألفًا. وأنا لا أترك بيتي قطّ، وتولى ابني أَبُو العَبَّاس [٢] .

قُلْتُ: ولي عَمْرو بن اللَّيْث مملكة فارس متغلبًا عليها بعد موت أخيه بالقُولنج سنة خمسٍ وستين. وقد جرت فيها أمور يطول شرحها، وتقلبت بهما أحوال إلى أن بلغَا درجةَ السَّلْطنة بعد الصَّنْعة في الصُّفْر.

وَكَانَ عَمْرو جميل السيرة في جيوشه. ذكر السلامي أَنَّهُ كَانَ ينفق في الجند في كل ثلاثة أشهر [٣] مرة، فيحضر بنفسه، ويقعد عارض الجيش والأموال بين يديه، والْجُنْد بأسرهم حاضرون. فأول ما ينادي إنسان باسم عَمْرو بن اللَّيْث، فيقدم فرسه إلى العارض بجميع آلتها، فيتفقّدها، ثم يأمر بوزن ثلاثمائة درهم، فتُحمل إلى الملك عَمْرو في صُرّة، فيقبضها وَيَقُولُ: الحمد للَّه الذي وفقني لطاعة أمير المؤمنين، حَتَّى استوجبت منه العطاء. ثُمَّ يضعها في خفّه، فيكون لمن ينزع خفّه [٤] . ثُمَّ يدعو بعده بالأمراء عَلَى مراتبهم بخيولهم وعددهم وآلتهم، فتُعرض. فمن أخل بشيء من لوازم الْجُنْد حُرم رزْقه [٥] .

وَقِيلَ: كَانَ في خدمة زوجة عمرو ألف وسبعمائة جارية [٦] .

وقد دخل في طاعة الخلفاء فولي للمعتضد أمرَ خُرَاسَان، وامتدت أيامه، واتسع سلطانه.

وقد سقنا من أخباره في الحوادث.


[١] وفيات الأعيان ٦/ ٤٣٠.
[٢] وفيات الأعيان ٦/ ٤٣١.
[٣] وفي نسخة أخرى: «في كلّ ستّة أشهر» ، والمثبت يتفق مع «وفيات الأعيان» .
[٤] في الأصل: «لمن يعلقه الحق» ، والتصحيح من «وفيات الأعيان» .
[٥] وفيات الأعيان ٦/ ٤٢١، ٤٢٢.
[٦] وفيات الأعيان ٦/ ٤٢٩.