للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقِيلَ إنَّ بعضهم سأله: كيف كُنِّيت أبا العيناء؟

فقال: قلت لأبي زيد سعيد بن أَوْس: كيف تُصَغِّر عَيْنًا؟

فَقَالَ: عُيَيْنَا يا أبا العَيْناء [١] .

وَقِيلَ إن المتوكل قَالَ: أشتهي أن أنادم أبا العَيْناء، لولا أَنَّهُ ضرير.

فَقَالَ: إنَّ أعفاني أمير المؤمنين من رؤية الهلال ونقْش الخواتيم، فإنّي أصلُح [٢] .

وَكَانَ قد ذهب بصره وَهُوَ ابن أربعين سنة تقريبًا.

ومات سنة اثنتين وثمانين. وَكَانَ قد استوطن بغداد، فخرج نحو البصرة في أواخر عُمره في سفينةٍ فيها ثمانون نفسًا، فغرقت بهم، فما سلم غيرُه فيما قِيلَ. فَلَمَّا صار إلى البصرة مات.

وَكَانَ يَخْضِب بالحُمرة [٣] ، والغالب عَلَى روايته الحكايات [٤] .

قَالَ أَبُو نُعَيْم الحَافِظ: نا أَحْمَد بن عبد الرحمن الخاركي بالبصرة: سَمِعْتُ أبا العَيْنَاء يُعَزّي جدّي أبا بَكْر عَلَى زوجته، فَقَالَ: إِذَا كَانَ مُسْنَدنا البقيّة ورُفِعت عَنْهُ الرَّزيَّة كانت التَّعْزية تهنئة، والمصيبة نعمة.

نحن ومَن في الأرض يَفْديكا ... لا زلتَ تبقى ونُعَزِّيكا [٥]

وعن ابن وَثّاب أَنَّهُ قَالَ لأبي العَيْنَاء: واللهِ إنّي أحبّك بِكُلِّيَّتي.

فَقَالَ: إِلا عضوًا واحدًا.

فبلغ ذَلِكَ ابن أبي دُؤاد، فَقَالَ: لقد وُفِّقَ في التحديد [٦] . وسأله المنتصر فَقَالَ: ما أحسن الجواب ما أسكتَ الْمُبْطِلَ، وصبَّر المُحِقّ [٧] .

قَالَ أَحْمَد بن كامل: تُوُفِّي في جُمَادَى الآخرة سنة ثلاثٍ وثمانين، وولد سنة إحدى وتسعين ومائة [٨] .


[١] تاريخ بغداد ٣/ ١٧٢.
[٢] الأذكياء لابن الجوزي ٨٢، تاريخ بغداد ٣/ ١٧٤.
[٣] معجم الأدباء ١٨/ ٢٨٩.
[٤] تاريخ بغداد ٣/ ١٧٠.
[٥] تاريخ بغداد ٣/ ١٧٦، ١٧٧.
[٦] تاريخ بغداد ٣/ ١٧٧.
[٧] تاريخ بغداد ٣/ ١٧٧.
[٨] تاريخ بغداد ٣/ ١٧٩.