للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طائفةٍ مستغيثين بِهِ، فوقف عَمْرو عَلَيْهِ، وهو جالس فِي المسجد بين ظَهْرَيِ [١] النّاس فقال:

يا ربّ إنّي ناشدٌ محمَّدا ... حلف أبينا وأبيه الأْتلَدا

قد كنتُمُ ولدًا وكنّا والدا ... ثمت أَسْلَمنا فلم ننزعْ يَدَا

فانصُرْ هَدَاك اللَّه نَصْرًا أعْتَدَا ... وادع عبادَ اللَّه يأتُوا مَدَدا

فيهم رَسُول اللَّهِ قد تجرَّدا ... إنْ سِيمَ خسفًا وجهه تَرَبّدَا

فِي فيلق كالبحر يجري مُزْبدا ... إنّ قُريشًا أَخْلفوك المَوْعِدا

ونقضوا ميثاقَكَ المُؤَكَّدا ... وجعلوا لي فِي كَدَاءَ رَصَدا

وزعموا أنْ لستُ أدعو أحدَا ... وهم أذَلُّ وأقَلُّ عَدَدا

هم بَيَّتُونا بالوَتِير هُجَّدا ... وقتلونا رُكَّعًا وسجدا

فانصُرْ، هداكَ اللَّه، نصرًا أيّدا [٢]

فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نُصِرْتَ يا عَمْرو بْن سالم» .

ثمّ عُرِضَ لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنان [٣] من السّماء، فقال: إنّ هذه السحابة لتستهلّ [٤] بنصر بني كعب، يعني خُزاعة. ثمّ قدم بُدَيل بْن وَرْقاء فِي نفرٍ من خُزاعة عَلَى النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبروه. وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كأنّكم بأبي سُفْيَان قد جاءكم ليشدّ العقْد ويزيد فِي الْمُدَّةِ. ومضى بُدَيْل وأصحابه فلقوا أَبَا سُفْيَان ابن حرب بعُسْفان، قد جاء ليشدّ العقد ويزيد في المدّة، وقد رهبوا الّذي


[١] يقال هو بين ظهريهم وظهرانيهم أي وسطهم وفي معظمهم.
[٢] انظر الأبيات في السيرة، والمغازي للواقدي ٢/ ٧٨٩، تاريخ الطبري ٣/ ٤٥، نهاية الأرب ١٧/ ٢٨٧، ٢٨٨، عيون التواريخ ١/ ٢٨٨، عيون الأثر ٢/ ١٦٤ البداية والنهاية ٤/ ٢٧٨، وشفاء الغرام بتحقيقنا ٢/ ١٧٥.
[٣] العنان: السحاب، واحدته عنانة.
[٤] استهلّ المطر، واستهلّ السّحاب بالمطر: اشتدّ انصبابه وارتفع صوت وقعه.