للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَؤُلاءِ يَا عَبَّاسُ؟ فَأَقُولُ: سُلَيْمٌ. فَيَقُولُ: مَا لي ولسليم. وتمرّ به [٩٥ ب] القبيلة فيقول: من هذه؟ فأقول: أَسْلَمُ. فَيَقُولُ مَا لِي وَلأَسْلَمَ. وَتَمُرُّ جُهَيْنَةُ. حَتَّى مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَتِيبَتِهِ الْخَضْرَاءِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، فِي الْحَدِيدِ، لا يُرَى مِنْهُمْ إِلا الْحَدَقُ. فَقَالَ يَا أَبَا الْفَضْلِ، مَنْ هَؤُلاءِ؟

فَقُلْتُ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ. فَقَالَ: يَا أَبَا الْفَضْلِ، لَقَدْ أَصْبَحَ مُلْكُ ابْنِ أَخِيكَ عَظِيمًا. فَقُلْتُ: وَيْحَكَ، إِنَّهَا النُّبُوَّةُ، قَالَ:

فَنَعَمْ إِذَنْ. قُلْتُ: الْحَقِ الآنَ بِقَوْمِكَ فَحَذِّرْهُمْ. فَخَرَجَ سَرِيعًا حَتَّى جَاءَ مَكَّةَ، فَصَرَخَ فِي الْمَسْجِدِ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، هَذَا مُحَمَّدٌ قَدْ جَاءَكُمْ بِمَا لا قِبَلَ لَكُمْ بِهِ. فَقَالُوا: فَمَهْ؟ قَالَ: مَنْ دَخَلَ دَارِي فَهُوَ آمِنٌ. فَقَالُوا: وَمَا دَارُكَ، وَمَا تُغْنِي عَنَّا؟ قَالَ: مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ دَارَهُ عَلَيْهِ فَهُوَ آمِنٌ.

هَكَذَا رَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظِ ابْنُ إِسْحَاقَ [١] ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْصُولا، وَأَمَّا أَبُو أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيُّ فَأَرْسَلَهُ. وقد رواه ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِمَعْنَاهُ.

وَقَالَ عُرْوَةُ: أَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ يَقُولُ لِلزُّبَيْرِ: يَا أبا عبد الله، هاهنا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُرَكِّزَ الرَّايَةَ.

قَالَ: وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ. وَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كُدًى، فَقُتِلَ مِنْ خَيْلِ خَالِدٍ يَوْمَئِذٍ رَجُلانِ: حُبَيْشُ بْنُ الأشعر، وكرز بن جابر الفهريّ [٢] .


[١] سيرة ابن هشام ٤/ ٨٩، ٩٠ تاريخ الطبري ٣/ ٥٢- ٥٤، الأغاني ٦/ ٣٥٢- ٣٥٤، نهاية الأرب ١٧/ ٢٩٩- ٣٠٢.
[٢] أخرجه البخاري في المغازي، باب أين ركّز النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الراية يوم الفتح (٥/ ٩١، ٩٢) .