للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فما أعلاه؟ قال: ليس لك إليه سبيل، ولكنْ سترى غدًا ما يجري، فإنّ في الغَيْب ما شهدتَه وغابَ عنك.

فلمّا كان بالعِشيّ جاء الإذْن من الخليفة بأن تُضرب رَقَبَتُه، فقالوا: قد أمسينا ويؤخّر إلى الغَداة. فلمّا أصبحنا أُنْزل وقُدِّم لتُضْرب رقبته، فسمعتُه يصيح ويقول بأعلى صوته: حَسْب الواحِد إفرادُ الواحد له [١] . وقرأ هذه الآية:

يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ ٤٢: ١٨ [٢] . وهذا آخر كلامه.

ثم ضُربت رَقَبَتُه، وعُلِّق في بارية [٣] ، وصب عليه النِّفْط وأُحْرِق، وحُمل رماده إلى رأس المنارة لتسْفيه الرّياح [٤] .

وسمعت أحمد بن فاتك تلميذ والدي يقول بعد ثلاثٍ من قتل والدي، قال: رأيتُ ربّ العزّة في المنام، وكأنّي واقفُ بين يديه قلت: يا ربّ ما فعلَ الحسين بن منصور؟

قال: كاشفته بمعنى، فدعا الخلْقَ إلى نفسه، أنزلتُ به ما رأيت [٥] .

قال ابن باكُوَيْه: سمعتُ أبا القاسم يوسف بن يعقوب النُّعْمَانيّ يقول:

سمعت الإمام ابن الإمام أبا بكر محمد بن داود الفقيه الإصبهانيّ يقول: إن كان ما أنزل الله على نيّته حقّ فما يقول الحلاج باطل. وكان شديدًا عليه [٦] .

قال: وسمعت أبا الفوارس الْجُوزَقانيّ بقَرْمِيسِين: سمعت إبراهيم بن شيبان يقول: من أحب أن ينظر إلى ثمرات الدّعاوى فلينظر إلى الحلّاج وما جرى عليه [٧] .


[١] تاريخ بغداد ٨/ ١٣٢.
[٢] سورة الشورى، الآية ١٨.
[٣] الباريّة: الحصيرة المنسوجة.
[٤] انظر: تاريخ بغداد ٨/ ١٤٠.
[٥] تاريخ بغداد ٨/ ١٣٢.
[٦] تاريخ بغداد ٨/ ١٢٩.
[٧] تاريخ بغداد ٨/ ١٢٠.