للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيَّ، فَقَالَ:

«اذْهَبْ فَادْخُلْ فِي الْقَوْمِ، حَتَّى تَعْلَمَ لَنَا مِنْ عِلْمِهِمْ» . فَدَخَلَ فِيهِمْ، فَمَكَثَ فِيهِمْ يَوْمًا أَوِ اثْنَيْنِ. ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره خَبَرَهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: «أَلا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ ابْنُ أَبِي حَدْرَدٍ» ؟ فَقَالَ عُمَرُ: كَذِبَ.

فَقَالَ ابْنُ أَبِي حَدْرَدٍ: وَاللَّهِ لَئِنْ كَذَّبْتَنِي يَا عُمَرُ لَرُبَّمَا كَذَّبْتَ بِالْحَقِّ. فَقَالَ عُمَرُ: أَلا تَسْمَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَقُولُ ابْنُ أَبِي حَدْرَدٍ؟ فَقَالَ: «قَدْ كُنْتَ يَا عُمَرُ ضَالا فَهَدَاكَ اللَّهُ» .

ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، فَسَأَلَهُ أَدْرَاعًا عِنْدَهُ، مِائَةَ دِرْعٍ، وَمَا يُصْلِحُهَا مِنْ عُدَّتِهَا. فَقَالَ: أَغَصْبًا يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: بَلْ عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ. ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَائِرًا [١] . قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثنا الزُّهْرِيُّ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى حُنَيْنٍ فِي أَلْفَيْنِ مِنْ مَكَّةَ، وَعَشَرَةِ آلافٍ كَانُوا مَعَهُ، فَسَارَ بِهِمْ [٢] .

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَاسْتَعْمَلَ عَلَى مَكَّةَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ ابْنِ أُمَيَّةَ [٣] .

وَبِالإِسْنَادِ الأَوَّلِ: أَنَّ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ أَقْبَلَ فِيمَنْ مَعَهُ مِمَّنْ جَمَعَ مِنْ قَبَائِلِ قَيْسٍ وَثَقِيفٍ، وَمَعَهُ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ [٤] ، شَيْخٌ كَبِيرٌ فِي شِجَارٍ [٥] لَهُ يُقَادُ بِهِ، حَتَّى


[١] سيرة ابن هشام ٤/ ١٢٢، ١٢٣.
[٢] ، (٣) سيرة ابن هشام ٤/ ١٢٣.
[٤] دريد بن الصمّة: هو أبو قرّة الهوازني، واسم الصمّة: معاوية. من شعراء العرب وشجعانهم وذوي أسنانهم. عاش نحوا من مائتي سنة حتى سقط حاجباه على عينيه. وخرجت به هوازن يوم حنين تتيمّن برأيه فقتل كافرا.
انظر عنه في: المحبّر لابن حبيب ٢٩٨، الشعر والشعراء ٢/ ٦٣٥ رقم ١٧٨، المؤتلف والمختلف للآمدي ١١٤، الأغاني ١٠/ ٣، المغازي للواقدي ٣/ ٨٨٩، السمط الثمين ٣٩، المعمّرين ٢٠، أسماء المغتالين ٢٢٣، تهذيب تاريخ دمشق ٥/ ٢٢٦، الوافي بالوفيات ١٤/ ١١ رقم ١١، التذكرة السعدية ١٠٢، معجم الشعراء في لسان العرب ١٥٠ رقم ٣٤٤، خزانة الأدب للبغدادي ٤/ ٤٢٢، شعراء النصرانية ١/ ٧٥٢، الأعلام ٣/ ١٦.
[٥] الشجار: الهودج الصغير الّذي يكفي شخصا واحدا فقط، أو مركب دون الهودج مكشوف الرأس.