للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَوْجَبْتَ [١] ، فَلا عَلَيْكَ أَنْ لا تَعْمَلَ بَعْدَهَا» . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ [٢] . وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجَ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ بِمَنْ مَعَهُ إِلَى حُنَيْنٍ، فَسَبَقَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهَا، فَأَعَدُّوا وَتَهَيَّئُوا فِي مَضَايِقِ الْوَادِي وَأَحْنَائِهِ. وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، فَانْحَطَّ بِهِمْ فِي الوادي في عماية الصبح. فلما انحطّ النَّاسُ ثَارَتْ فِي وُجُوهِهِمُ الْخَيْلُ فَشَدَّت عَلَيْهِمْ، وَانْكَفَأَ النَّاسُ مُنْهَزِمِينَ لا يُقْبِلُ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ. وَانْحَازَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ الْيَمِينِ يَقُولُ: «أَيُّهَا النَّاسُ، هَلُمُّوا، إِنِّي أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله» . فلا ينثني [٣] أَحَدٌ. وَرَكِبَتِ الإِبِلُ بَعْضُهَا بَعْضًا. فَلَمَّا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر النَّاسِ، وَمَعُه رَهْطٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَرَهْطٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَالْعَبَّاسُ آخِذٌ بِحَكَمَةِ [٤] بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، وَثَبَت مَعَهُ عَلِيٌّ، وَأَبُو سُفْيَانَ، وَرَبِيعَةُ، ابْنَا الْحَارِثِ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ، وَأَيْمَنُ بْنُ أُمِّ أَيْمَنَ، وَأُسَامَةُ، وَمِنَ الْمُهَاجِرِينَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. قَالَ: وَرَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ أحمر بِيَدِهِ رَايَةٌ سَوْدَاءُ أَمَامَ هَوَازِنَ، إِذَا أَدْرَكَ النَّاسَ طَعَنَ بِرُمْحِهِ، وَإِذَا فَاتَهُ النَّاسُ رَفَعَ رُمْحَهُ لِمَنْ وَرَاءَهُ فَيَتْبَعُوهُ. فَلَمَّا انْهَزَمَ مَنْ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ جفاة أهل مكة، تكلّم رجال منهم بما في أنفسهم من الضّعن. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ: لا تَنْتَهِي هَزِيمَتُهُمْ دُونَ الْبُحُورِ. وَإِنَّ الأَزْلامَ لَمَعَهُ فِي كِنَانَتِهِ [٥] .

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: سَارَ أَبُو سُفْيَانَ إلى حنين، وإنّه ليظهر الإسلام، وإنّ الأزلام التي يستقسم بها في كنانته [٦] .


[١] أوجبت: أي عملت عملا يوجب لك الجنة.
[٢] سنن أبي داود: كتاب الجهاد، باب في فضل الحرس في سبيل الله تعالى (٢٥٠١) .
[٣] في الأصل: «يثني» . وفي ع: «يلبي» . وأثبتنا لفظ ح.
[٤] الحكمة: ما أحاط بحنكي الفرس من لجامه.
[٥] سيرة ابن هشام ٤/ ١٢٤، المغازي للواقدي ٣/ ٨٩٨، تاريخ الطبري ٣/ ٧٤.
[٦] المغازي للواقدي ٣/ ٨٩٦.