وقيل: إنّه يقدَّم، وهو وزير، عَلَى موائده بين يدي كلّ رجل جدي، لَا يشاركه أحد.
قَالَ الصُّوليّ: كَانَ حامد قليل الرَّغْبة في استماع الشِّعْر، إلّا أَنَّهُ كَانَ سخيًا، جميل الأخلاق، كثير المزح. وكان إذا خولفَ في أمرٍ يصيح ويَحْرَد.
فَمَن داريَ مزاجه انتفع بهِ.
قَالَ إبراهيم نِفْطَوَيْه: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قِيلَ لبعض المجانين: في كم يتجنّن الإنسان؟
قَالَ: ذاك إلى صبيان المحلّة.
وكان حامد ثالث يوم من وزارة المقتدر قد ناظر ابن الفُرات، وجَبَهَه وأفحش لَهُ، وجذب بلحيته، وعذب أصحابه. فلمّا انعكس الدَّسْت ووَزَر ابن الفُرات تنمَّر لحامد، فليم حامد فقال: إنّ كَانَ ما عملته معكم من الأحوال السيئة بكم أثر لي خيرًا فزيدوا منه، وإن كَانَ قبيحًا، وهو الّذي أصارني إلى التمكُّن منّي، فالسعيد من وعظ بغيره.
وبعد أنّ استصفاه دَسَّ مَن سقاه سُمًّا في بيضٍ، فأتلفه إسهالٌ مُفْرِط.
نِفْطَوَيْه: نا حامد بْن العبّاس الوزير: حدَّثني سند بْن عليّ، قَالَ: كنتُ بين يدي المأمون، فعطس فلم نُشَمِّتْه.
فقال: لِمَ لَمْ تُشَمِّتاني؟
قُلْنَا: أجللناك يا أمير المؤمنين.
قَالَ: لستُ من الملوك الّتي تتحالّ عَنِ الدّعاء.
قُلْنَا: يرحمك اللَّه. قَالَ: يغفر اللَّه لكما.
قَالَ الصُّوليّ: سُلِّم حامد إلى المحسّن ابن الوزير ابن الفُرات، فعذَّبه بألوان العذاب. وكان إذا شرب أَخْرَجَهُ وألبسه جلْد قرد، فيرقّص ويُصْفع، وفُعِلَ به ما يستحيى من ذكره. ثمّ أحضر إلى واسط فأُهلك. وصلّي الناسُ عَلَى قبره أيّامًا.
قَالَ أحمد بْن كامل بْن شَجَرة: تُوُفّي بواسط، ثمّ بعد أيّام ابن الفُرات نُقِل