للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى، قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ» . فَقُلْتُ: لَا جَرَمَ لَا أَرْفَعُ إِلَيْهِ بَعْدَ هَذَا حَدِيثًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [١] .

وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ بِالْجِعْرَانَةِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ غَنَائِمَ مُنْصَرِفَةً مِنْ حُنَيْنٍ، وَفِي ثَوْبِ بِلَالِ فِضَةٌ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبِضُ مِنْهَا يُعْطِي النَّاسَ. فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، اعدل.

فقال: «ويلك، ومن يعدل إذا لم أَكُنْ أَعْدِلُ؟ لَقَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَكْن أَعْدِلُ» . فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي أَقْتُلَ هَذَا الْمُنَافِقَ. قَالَ: «مَعاذَ اللَّهِ، أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنِّي أَقْتُلُ أَصْحَابِي، إِنَّ هَذَا وَأَصْحَابَهُ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ [٢] . وَقَالَ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا، إِذْ أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيُّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ. فَقَالَ: «وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ، لَقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ» . فَقَالَ عُمَرُ: ائْذَنْ لِي فِيهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبُ عُنُقَهُ. قَالَ: «دَعْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ [١٠٩ أ] أحدكم [٣] صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإِسْلامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ [٤] . وَقَالَ عَقِيلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ عُرْوَةُ: أَخْبَرَنِي مَرْوَانُ، وَالْمِسْوَرُ بْنُ


[١] صحيح البخاري: كتاب المغازي، باب غزوة الطائف (٥/ ١٠٦) . وصحيح مسلم: كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلّفة قلوبهم على الإسلام (١٤٠/ ١٠٦٢) واللفظ له.
[٢] صحيح مسلم: كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم. (١٤٢/ ١٠٦٣) وأخرجه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي وابن ماجة، والدارميّ، ومالك، والإمام أحمد، في مواضع كثيرة. (انظر: المعجم المفهرس لألفاظ الحديث ٦/ ٢٠٤) .
[٣] في الأصل: «أحدهم» . والتصحيح من ع، ح.
[٤] صحيح البخاري: كتاب استتابة المرتدّين والمعاندين وقتالهم، باب من ترك قتال الخوارج للتأليف (٩/ ٢١- ٢٢) ، وانظر سيرة ابن هشام ٤/ ١٥٦، والمغازي للواقدي ٣/ ٩٤٨.