للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن إِسْحَاق [١] : حدّثني أَبُو وَجْزَة السعديّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعطى من سَبْيِ هوازن عليَّ بْن أَبِي طَالِب جاريةً، وأعطى عثمان وعمر، فوهبها عُمَر لابنه.

قَالَ ابن إِسْحَاق [٢] : فحدّثني نافع، عَنِ ابن عُمَر، قَالَ: بعثت بجاريتي إلى أخوالي من بني جُمَحٍ ليُصْلِحوا لي منها حتّى أطوف بالبيت ثمّ آتيهم.

فخرجت من المسجد فإذا النّاس يشتدّون، فقلت: ما شأَنكم؟ فقالوا: رَدَّ عَلَيْنَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نساءنا وأبناءنا. فقلت: دُونَكم صاحبتكم فهي فِي بني جُمح فانْطلَقوا فأخذوها.

قَالَ ابن إِسْحَاق [٣] : وحدّثني أَبُو وَجْزة يزيد بْن عُبَيْد: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لوفد هوازن: «ما فَعَل مالك بْن عَوْفُ؟» قَالُوا: هُوَ بالطائف. فقال:

«أخْبِروه أنّه إِنْ أَتَاني مُسْلِمًا رَدَدْتُ إِلَيْهِ أهلَه ومالَه، وأعطيته مائةً من الإبل» . فأُتِيَ مالِك بذلك، فخرج إِلَيْهِ من الطائف. وقد كَانَ مالك خاف من ثقيف عَلَى نفسه من قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فأمر براحلةٍ فهُيِّئت، وأمر بفرسٍ لَهُ فأُتِيَ بِهِ، فخرج ليلًا ولحِق برَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأدركه بالجِعرانة أو بمكة، فردّ عَلَيْهِ أهله وماله وأعطاه مائةً من الإبل. فقال:

ما إِنْ رأيتُ ولا سَمِعتُ بمثلِهِ ... وفي النَّاسِ كلِّهم بمثْلِ مُحَمَّد

أَوْفَى وَأَعْطَى للجزيل إذا اجتدي [٤] ... وإذا تشاء يُخْبِرْك عمّا فِي غَد

وإذَا الكَتِيبَةُ عَرَّدَتُ أَنْيَابُها ... أَمَّ الْعِدَى فيها بكُلِّ مُهَنَّد [٥]

فكَأَنَّه لَيْثٌ لَدى أَشْبَالِهِ ... وَسْطَ المَبَاءَةِ خَادِرٌ [٦] فِي مرصد


[١] سيرة ابن هشام ٤/ ١٥٢، ١٥٣.
[٢] سيرة ابن هشام ٤/ ١٥٣.
[٣] سيرة ابن هشام ٤/ ١٥٣.
[٤] اجتدى: سئل الجدا أو الجدوى، وهي العطية.
[٥] عردت أنيابها: غلظت واشتدت. المهند: السيد المصنوع من حديد الهند.
[٦] المباءة (وقد وردت في النسخ الثلاث) : المنزل وكناس الثور الوحشي. ولعلّها استعملت هنا