للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَبَيِّنْ لَنَا إِنْ كُنْتَ لَسْتَ بِفاعِلٍ ... عَلَى أَيِّ شَيْءٍ غَيْرِ ذَلِكَ دَلَّكَا

عَلَى خُلُقٍ لَمْ ألْفِ أُمًّا وَلا أَبًا [١] ... عَلَيْهِ وَمَا تُلْفي عَلَيْهِ أَخًا [٢] لَكا

فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ فَلَسْتُ بآسِفٍ ... وَلا قَائِلٍ إِمَّا عَثَرْتَ: لَعًا لَكا

سَقَاكَ بِهَا المَأْمُونُ كَأْسًا رَوِيَّةً ... فأنهلك المَأْمُونُ مِنْهَا وَعَلَّكا

فلمّا أتيت بُجَيْرًا كَرِه أنَّ يَكْتُمَها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنشده إيّاها. فقال لما سَمِعَ « [سقاك] [٣] بها المأمون» : «صَدَق وإنّه لكّذُوب» . ولما سَمِعَ: «عَلَى خُلُقٍ لم تلف أُمًّا ولا أبًا عَلَيْهِ» . قَالَ: «أجل لم يلف عَلَيْهِ أَبَاهُ ولا أمّه» . ثمّ قَالَ بُجير لكعب:

مَنْ مُبْلِغٌ كَعْبًا فَهلْ لَكَ فِي التّي ... تَلُومُ عَلَيْها بَاطِلًا وَهْيَ أَحْزَمُ

إِلى اللَّه- العُزَّى ولا اللات- وَحْده ... فَتَنْجُو إذَا كَانَ النَّجَاءُ وتَسْلَم

لَدى يَوْمِ لَا يَنْجُو وَلَسْتَ بمُفْلِتٍ ... مِنَ النّاسِ إلّا طَاهِرُ الْقَلْبِ مُسْلِم

فَديِن زُهَيْر وَهْوَ لَا شَيْءَ دِينُه ... وَدِينُ أَبي سُلْمَى عَليَّ مُحَرَّم

فلمّا بلغ كَعْبًا الكتابُ ضاقت عَلَيْهِ الأرض بما رَحُبت، وأشفق عَلَى نفسه، وأَرْجَف بِهِ من كَانَ فِي حاضِره من عَدوّه فقالوا: هُوَ مَقْتُولٌ. فلمّا لم يجد من شيءٍ بُدًّا قَالَ قصيدته، وقدم المَدِينَةِ [٤] .

وقال إِبْرَاهِيم بْن دِيزِيلَ، وغيره، ثنا إِبْرَاهِيم بْن المنذر الحزامي، ثنا الحجّاج بْن ذي الرُقَيْبَة بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن كَعْب بن زهير بن أبي سلمى


[١] في الأصل، ح وسيرة ابن هشام: «
على خلق لم ألف يوما أبا له
» . وفي ع: «
عَلَى خُلُقٍ لَمْ ألْفِ أُمًّا وَلا أَبًا له
» . والحرف الأخير زيادة لا يستقيم معها وزن الشعر، وهو على التحقيق من أوهام النسخ. وقد أثبتنا رواية (ع) بعد حذف هذه الزيادة لاتفاقها مع ما يرد بعد ذلك في سياق الخبر، ولأنها، بعد، رواية الديوان.
[٢] في النسخ الثلاث والسيرة لابن هشام: «أبا» ، والوجه ما أثبتناه من رواية الديوان.
[٣] سقطت من الأصل، ع، وأثبتناها من ح.
[٤] الخبر في سيرة ابن هشام ٤/ ١٥٧، ١٥٨، والشعر والشعراء لابن قتيبة ١/ ٨٠، والأغاني ١٧/ ٨٦، وإمتاع الأسماع للمقريزي ٤٩٤ وانظر ديوان كعب بن زهير.