للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثَانِيَةً، فَقَامَ عُثْمَانُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلَيَّ مِائَتَا بَعِيرٍ بِأَحْلَاسِهَا وَأَقْتَابِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. ثُمَّ حَضَّ، أَوْ قَالَ: حَثَّ، الثَّالِثَةَ، فَقَامَ عُثْمَانُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلَيَّ ثَلَاثُمِائَةِ بَعِيرٍ بِأَحْلَاسِهَا وَأَقْتَابِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ:

أَنَا شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: «مَا عَلَى عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ» . أَوْ قَالَ: «بَعْدَهَا» [١] . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ [٢] وَغَيْرُهُ، عَنِ السَّكَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. وَقَالَ ضَمْرَةُ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ كَثِيرٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ مَوْلَاهُ، قَالَ: جَاءَ عُثْمَانُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَلْفِ دِينَارٍ حِينَ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ، فَفَرَّغَهَا فِي حِجْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ يُقَلِّبُهَا وَيَقُولُ:

«مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ» [٣] . قَالَهَا مِرَارًا. وَقَالَ بُرَيْدٌ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: أَرْسَلَنِي أَصْحَابِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْأَلَهُ لَهُمُ الْحُمْلَانَ [٤] ، إِذْ هُمْ مَعَهُ فِي جَيْشِ الْعُسْرَةِ، وَهِيَ غَزْوَةُ تَبُوكَ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [٥] .

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ [٦] : ثُمَّ إِنَّ رِجَالا أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم البكّاءون،


[١] أخرجه أحمد في المسند ٤/ ٧٥ وابن عساكر في تاريخ دمشق ٥٢ وما بعدها.
[٢] منحة المعبود. كتاب الخلافة والإمارة، أبواب خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، باب ما جاء في البيعة له وذكر شيء من مناقبه (٢/ ١٧٥) . وانظر تاريخ دمشق ٥٢ وما بعدها (ترجمة عثمان) .
[٣] رواه أحمد في المسند ٥/ ٦٣، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٥٧ و ٥٨ وسيذكره المؤلّف مرّة أخرى في ترجمة عثمان بن عفّان، في الجزء الخاص بالخلفاء الراشدين، وهو من تحقيقنا- ص ٤٦٢.
[٤] الحملان: ما يحمل عليه من الدّوابّ.
[٥] أخرجه البخاري في المغازي ٥/ ١٢٨ باب غزوة تبوك وهي غزوة العسرة، ومسلم في كتاب الأيمان (٨/ ١٦٤٩) باب ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها أن يأتي الّذي هو خير ويكفّر عن يمينه.
[٦] في سيرة ابن هشام ٤/ ١٧٤ وتاريخ الطبري ٣/ ١٠٢، وطبقات ابن سعد ٢/ ١٦٥.