للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ملوَّنة. وأهدى له ملك الفرنج أربعين سارية [١] رخام. وأما الوردي والأخضر فمن إفريقية والحوض المذهب جلب من القسطنطينية، والحوض الصغير عليه صورة أسد، وصورة غزال، وصورة عُقاب، وصورة ثعبان، وغير ذلك.

كلّ ذلك ذَهَبٌ مرصَّع بالجوهر. وبَقَوْا في بنائها ستّ عشرة سنة. وكان يُنفق عليها ثُلْث دَخْل الأندلس. وكان دخل الأندلس يومئذ خمسة آلاف ألف وأربعمائة ألف وثمانٍون ألف درهم.

وعمل في الزَّهراء قصر المملكة. غرِم عليه من الأموال ما لا يعلمه إلّا الله.

وبين الزَّهراء وبين قُرْطُبة أربعة أميال، وطولها ألف وستّمائة ذراع، وعرضها ألف وسبعون ذراعًا.

ولم يُبْن في الإسلام أحسن منها، لكنّها صغيرة بالنّسبة إلى المدائن كما ترى، لا بل هي متوسّطة المقدار. وكانت من عجائب الدنيا. وسورها ثلاثمائة برج، وكلّ شرّافة حجر واحد. وعمل ثُلثُها قصور الخلافة، وثلثها للخدم، وكانوا اثنى عشر ألف مملوك، وثُلثها الثالث بساتين.

وقيل إنّه عمل فيها بُحَيْرة ملأها بالزِّئبق.

وقيل: كان يعمل فيها ألف صانع، مع كلّ صانع اثنا عشر أجيرًا. وقد أحرقت وهدمت في حدود سنة أربعمائة، وبقيت رسومُها وسورُها [٢] . فسبحان الباقي بلا زوال.


[١] في البيان المغرب ٢/ ٢٣١: «مائة وأربعين سارية» .
[٢] النجوم الزاهرة ٣/ ٢٦٠، ٢٦١، البيان المغرب ٢/ ٢٠٩ و ٢٢٣ و ٢٣١، ٢٣٢.