قال أبو عبد الله الحاكم: سمعت أبا عليّ يقول: ثنا أحمد بن حمدون، إنْ حلّت الرواية عنه.
فقلت: هذا الّذي تذكره في أبي تُراب من جهة المُجُون والسُّخْف الّذي كان، أو لشيء أنكرته منه في الحديث؟
قال: بل من جهة الحديث.
قلت: فما أنكرت عليه؟
قال: حديث عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن الفضل.
قلت: قد حدَّث به غيره.
فأخذ يذكر أحاديث حدَّث بها غيره.
فقلت: أبو تراب مظلوم في كل ما ذكرته.
ثمّ حدثت أبا الحسين الحجاجي بهذا القول، فرضي كلامي فيه، وقال:
القول ما قلته.
ثمّ تأملت أجزاء كثيرة بخطه، فلم أجد فيها حديثًا يكون الحمل فيه عليه، وأحاديثه كلها مستقيمة.
وسمعت أبا أحمد الحافظ يقول: حضرت ابن خزيمة يسأل أبا حامد الأعمشي: كم روى الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد؟ فأخذ أبو حامد يسرد التّرجمة حتّى فرغ منها، وابن خزيمة يتعجّب من مذاكرته.
سمعت محمد بن حامد البزّاز يقول: دخلنا على أبي حامد الأعمشي وهو عليل فقلنا: كيف تجدك؟
قال: بخير، لولا هذا الجار، يعني أبا حامد الجلودي، يدعي أنّه محدّث عالم، ولا يحفظ إلّا ثلاث كتب: كتاب عمى القلب، وكتاب النسيان، وكتاب الجهل. دخل عليّ أمس فقال: يا أبا حامد أعلمت أن زنجويه قد مات؟ قلت:
رحمه الله. فقال: دخلت اليوم على المؤمل بن الحسن وهو في النزع ثمّ قال: يا با حامد ابن كم أنت؟ قلت: أنا في السادس والثمانٍين.
قال: فأنت إذا أكبر من أبيك يوم مات.
فقلت: أنا بحمد الله في عافية، وجامعت البارحة مرتين، واليوم فعلت كذا. فقام خجلًا.