للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِمَاءٍ كَثِيرٍ، فَاسْتَقَى النَّاسُ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُوشِكُ يَا مُعَاذُ، إِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ، أَنْ تَرَى ما [ها] [١] هنا قد مليء جِنَانًا» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ [٢] . وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غَزْوَةِ تَبُوكَ فَأَتَيْنَا وَادِي الْقُرَى، عَلَى حَدِيقَةٍ لِامْرَأَةٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اخْرُصُوهَا. فَخَرَصْنَاهَا وَخَرَصَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ. وَقَالَ: أَحْصِيهَا حَتَّى نَرْجِعَ إِلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

فَانْطَلَقْنَا حَتَّى قَدِمْنَا تَبُوكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَتَهُبُّ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَلَا يَقُمْ فِيهَا أَحَدٌ مِنْكُمْ، فَمَنْ كَانَ لَهُ بَعِيرٌ فَلْيَشُدَّ عِقَالَهُ» . فَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَقَامَ رَجُلٌ فَحَمَلَتْهُ الرِّيحُ حَتَّى أَلْقَتْهُ بجبلي طيِّئ. وَجَاءَ ابْنُ الْعَلْمَاءِ صَاحِبُ أَيْلَةَ [٣] إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابٍ، وَأَهْدَى لَهُ بَغْلَةً بَيْضَاءَ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَهْدَى لَهُ بُرْدًا. ثُمَّ أَقْبَلْنَا حَتَّى قَدِمْنَا وَادِيَ الْقُرَى، فَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرْأَةَ عَنْ حَدِيقَتِهَا كَمْ بَلَغَ ثَمَرُهَا، فَقَالَ: بَلَغَ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ.

فَقَالَ: «إِنِّي مُسْرِعٌ فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيُسْرِعْ» . فَخَرَجْنَا حَتَّى أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ. فَقَالَ: «هَذِهِ طَابَةٌ، وَهَذَا أُحُدٌ، وَهُوَ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ [٤] ، أَطْوَلَ مِنْهُ، وَلِلْبُخَارِيِّ نَحْوُهُ [٥] . وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [١١٥ ب] حين مرّ بالحجر استقوا من بئرها. فلما


[١] سقطت من الأصل، والمثبت من (ع) و (ح) ، وصحيح مسلم.
[٢] في كتاب الفضائل، باب في معجزات النبيّ صلّى الله عليه وسلم. وأخرجه أحمد في المسند ٢/ ٣٠٨ و ٣٢٣ و ٥/ ٢٣٨، والواقدي في المغازي ٣/ ١٠١٢، ١٠١٣.
[٣] أيلة: مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلي الشام، قيل سميت باسم أيلة بنت مدين بن إبراهيم عليه السلام. (معجم البلدان ١/ ٢٩٢) .
[٤] في كتاب الفضائل، باب في معجزات النبي صلّى الله عليه وسلم (٧/ ٦١) .
[٥] صحيح البخاري: كتاب الزكاة. باب خرص التمر (٢/ ١٥٥) . وأحمد في المسند ٥/ ٤٢٤ و ٤٢٥.