للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو عليّ القالي تلميذه: كان أبو بكر يحفظ فيما قيل ثلاثمائة ألف بيت شاهد في القرآن [١] .

وقال أبو عليّ التنوخيّ: كان ابن الأنباري يُمْلي من حفظه، وما أملى قط من دفتر [٢] .

وقال حمزة بن محمد بن طاهر: كان ابن الأنباريّ زاهدًا متواضعًا [٣] .

حكى الدَّارَقُطْنيّ أنه حضره في مجلس يوم جمعه فصحّف اسمًا فأعظمت له وهْمَهُ وهِبْته. فلما انقضى المجلس عَرَّف مستمليه، فلمّا حضرتُ الجمعة الثانية قال ابن الأنباريّ للمستملي: عرِّف الجماعة أنّا صحَّفنا الاسم الفلاني ونبّهنا ذلك الشاب على الصواب [٤] .

وقال محمد بن جعفر التّميميّ: ما رأيت أحفظ من الأنباريّ ولا أغزر بحرًا من علمه. وحدَّثوني عنه أنه قال: أحفظ ثلاثة عشر صندوقًا. وحدَّثني أبو الحسن العَرَوضيّ أنه اجتمع هو وابن الأنباري عند الرّاضي باللَّه، وكان قد عرف الطباخ ما يأكل ابن الأنباري، فسّوى له قلية يابسة فأكلنا من ألوان الطعام وهو يعالج تلك القلية فلمته، فضحك الرّاضي وقال: لِم تفعل هذا؟

قال: أبقي على حفظي.

قلت: كم تحفظ؟

قال: ثلاثة عشر صندوقًا.

قال التّميميّ: وهذا ما لا يحفظ لأحد قبله. فِحُدِّثتُ أنه كان يحفظ عشرين ومائة تفسير بأسانيدها [٥] .

وقال لي أبو الحسن العروضيّ، قال: كان ابن الأنباري يتردد إلى أولاد الرّاضي باللَّه فَسَألَتْهُ جارية عن تفسير رؤيا فقال: أنا حاقن. ومضى. فلمّا عاد مِن الغد عاد وقد صار عابرًا. مضى من يومه فدرس كتاب الكرمانيّ، وقيل إنّه أملى كتاب «غريب الحديث» في خمسة وأربعين ألف ورقه.


[١] تاريخ بغداد ٣/ ١٨٢.
[٢] تاريخ بغداد ٣/ ١٨٢.
[٣] تاريخ بغداد ٣/ ١٨٢، ١٨٣.
[٤] تاريخ بغداد ٣/ ١٨٣.
[٥] تاريخ بغداد ٣/ ١٨٣، ١٨٤.