للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووهب [لنا] [١] أموالا عظاما نفعل فيها المعروف، وجعلنا أعزَّ أهُل المَشْرق، وأكثرَهُ عَدَدًا، وأَيْسره عُدّةً. فَمنْ مثْلُنا فِي الناس؟ ألسنا برءوس النّاس وَأُولِي فضلهم؟ فمن فاخَرَنا فَلْيَعْدُدْ مثل ما عَدَدْنا، وإنّا لو نَشَأْ لأَكْثَرْنا الكلام، ولكنْ نَسْتَحي من الإِكْثار. أقول هذا لأَنْ تَأتوا بمثل قولنا، وأمرٍ أفضل من أمرنا.

ثم جلس. فقال رسول [١٢٣ ب] اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لثَابِت بْن قَيْس بْن الشَّمَّاس الخَزْرَجِيّ: قُمْ فأَجِبْهُ. فقام، فقال:

الحمد للَّه الَّذِي السماواتُ والأرضُ خَلْقُه، قضى فيهنَّ أَمْره، ووَسع كُرْسِيُّه عِلْمه، ولم يكن شيء قطّ إلّا من فضله. ثمّ كَانَ من فضله أنَّ جعلنا ملوكًا، واصْطَفى من خير خلقه رسولًا، أَكْرَمه نسبًا، وأصدقه حديثًا، وأفضله حَسَبًا، فأنزل عَلَيْهِ كتابه، وائْتَمَنه عَلَى خَلْقه، فكان خِيَرَةَ اللَّه من العالمين، ثمّ دعا النّاس إلى الْإِيمَان فآمن بِهِ المهاجرون من قومه وَذَوِي رَحِمه، أكرم النّاس أَحْسابًا، وأحسن النّاس وجوهًا، وخير النّاس فَعالًا، ثمّ كَانَ أول الخلق استجابةً إذْ دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نحن فنحنُ الأنصار، أنصارُ اللَّه ووزراءُ رسوله، نقاتل النّاس حتّى يؤمنوا باللَّه ورسوله. فمَنْ آمَنَ مَنَع مالَهُ ودَمَهُ، ومن كفر جاهدناهُ فِي اللَّه أبدًا، وكان قَتْلُه علينا يسيرًا. أقول قَوْلِي هذا وأستغفر اللَّه للمؤمنين والمؤمنات، والسلام عليكم.

فقام الزِّبْرِقانُ بْن بدر، فقال:

نَحْنُ الْكِرَامُ فَلَا حَيٌّ يُعَادِلُنا ... مِنّا الْمُلُوكُ وفينا تُنْصَب البيَعُ

وكَمْ قَسَرْنا من الأحياءِ كُلِّهُم ... عِنْدَ النِّهابِ، وفَضْلُ الْعِزِّ يُتَّبَع

ونَحْنُ نُطْعِم عند القحط مطعمنا ... من الشِّواء إذا لم يُؤْنَسِ القَزَع

بما تَرَى النَّاسَ تَأْتِيَنا سَرَاتُهمُ ... من كلّ أرضٍ هويّا ثم نصطنع


[١] سقطت من الأصل، وأثبتناها من ع، ح.