للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقلت: اثنين حذاء واحد.

قَالَ: فأيمّا أفضل أَبُو بَكْر أو عَلِيّ.

قلت: إن كَانَ عندك فعليُّ، وإن كَانَ بَرًّا [١] فأبو بكر. فضحك وقال: هذا يشبه ما بلغني عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أنّه سأله رَجُل: أيّما أفضل أَبُو بَكْر أو عَلِيّ؟.

فقال: عُدْ إليَّ بعد ثلاث.

فجاءه، فقال: تقدّمني إلى مؤخّر الجامع.

فتقدّمه، فنهض ابن عَبْد الحَكَم واستعفاه، فأبي، فقال: أفضل الناس بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليّ، وباللَّه لئن أَخْبَرتَ بهذا عني لأقولنّ للأمير أَحْمَد بْن طولون فيضربك بالسِّياط [٢] .

قَالَ: ثمّ بعد ستّة أشهرٍ وَرَدَ العهد بالقضاء من ابن أَبِي الشّوارب لابن أبي زُرْعَة، فركبَ بالسّواد إلى الجامع، وقرُئ عهده عَلَى المنِبر، وله يومئذ أربعون سنة. وكان عارِفًا بالأحكام منفذًا، ثمّ جمع لَهُ قضاء دمشق، وحمص، والرملة، وغير ذَلِكَ.

وكان حاجبُه بسيف ومِنطقة. ولم يزل ابن الحدّاد يخلُفُه إلى آخر أيّامه.

وكان الْحُسَيْن بْن أَبِي زُرْعَة يتأدَّب معه ويعُظِّمه، ولا يخالفه فِي شيء.

ثمّ عُزِل من بغداد ابن أَبِي الشوارب بأبي نصر يوسف بْن عُمَر القاضي فبعث العهد إلى ابن أَبِي زُرْعَة باستمراره [٣] .

٥٠٥- محمد بْن أَحْمَد بْن سعَيِد [٤] .

أَبُو جعفر الرّازيّ المكتب [٥] .


[١] برّا: كلمة مولّدة بمعنى: علانية.
[٢] الولاة والقضاة ٥٥٣ و ٥٥٦.
[٣] قال ابن خلّكان: «وكان يقال في زمنه: عجائب الدنيا ثلاث: غضب الجلّاد، ونظافة السماد، والرّدّ على ابن الحدّاد» . (وفيات الأعيان ٤/ ١٩٨) .
[٤] لم أجده، ولعلّه في (تاريخ مرو) أو (تاريخ نيسابور) اللذين لم يصلانا.
[٥] المكتب: بضم الميم وسكون الكاف وكسر التاء المنقوطة باثنتين، وفي آخر الباء المنقوطة بواحدة. هذه النسبة إلى تعليم الخط ومن يحسن ذلك ويعلّم الصبيان الخط والأدب. (الأنساب ١١/ ٤٥٧) .