للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما عاد إلى بلاده أعاد «سيف الدولة» عينَ زَربه [١] إلى بعض ما كانت، وظنّ أنّ الدُمُسْتق لا يعود إلى البلاد في العام فلم يستعدّ [٢] ، فبينا هو غافل وإذا بالدُمُسْتُق قد دَهَمه ونازل حلب ومعه ابن أخت الملك، فخرج إليه وحاربه، والدُمُسْتُق في مائتي ألفٍ بالرَّجَّالة وأهل إحصار، فلم يَقْوَ به سيف الدولة وانهزم في نفر يسير.

وكانت داره بظاهر حلب، فنزلها الدُمُسْتُق وأخذ منها ثلاثمائة وتسعين بدْرَة دراهم، وألفًا وأربع مائة بغْل، ومن السلاح ما لا يُحْصَى، فنهبها ثم أحرقها، وملك رَبَض حلب. وقاتله [٣] أهل حلب من وراء السور، فقتلوا جماعة من الروم، فسقطت ثُلمة من السور على جماعة من أهل حلب فقتلتهم، فأَكبّت الروم على تلك الثُلمة، فدافع المسلمون عنها، فلما كان الليل بنوها، ولما أصبحوا صعدوا عليها وكبّروا، فعدل الروم عنها إلى جبل جَوْشَن [٤] فنزلوا به، ومضى رَجّالة الشُّرط بحلب إلى بيوت الناس فنهبوها، فقيل لمن على السُّور: الحقوا منازلكم، فنزلوا وأَخْلُوا السُّور، فسوَّرته الروم ونزلوا ففتحوا الأبواب ودخلوها، فوضعوا السيف في الناس حتى كلّوا وملّوا، وسبوا أهلها وأخذوا ما لا يُحصى، وأخربوا الجامع، وأحرقوا ما عجزوا عن حمله، ولم يَنْجُ إلّا من صعد القلعة.

ثم ألحّ ابن أخت الملك في أخذ القلعة، حتى أنه أخذ سيفًا وترسًا وأتى إلى القلعة، ومَسْلَكُها ضيّق لا يحمل أكثر من واحد، فصعد وصعدوا خلفه. وكان في القلعة جماعة من الدَّيْلَم، فتركوه حتى قَرُب من الباب


[ () ] ١٨٠، الكامل في التاريخ لابن الأثير- ج ٨/ ٥٣٨ و ٥٣٩، العيون والحدائق في أخبار الحقائق لمؤرخ مجهول- ج ٤ ق ٢/ ٢١٨ تحقيق نبيلة عبد المنعم داود- بغداد ١٩٧٣ (حوادث سنة ٣٥٠ هـ.) ، مرآة الجنان لليافعي ٢/ ٣٤٦، البداية والنهاية لابن كثير ١١/ ٢٣٩.
[١] في الأصل «رزنه» .
[٢] في الأصل «يستبعد» .
[٣] في الأصل «وقافلة» .
[٤] بالفتح ثم السكون وشين معجمة ونون: جبل مطلّ على حلب في غربيّها. (معجم البلدان ٢/ ١٨٦) .