للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استلبه فجعله في كُمَّه وقام، فَعَلِق به صاحبُهُ وطالبه بالثمن، فمنعناه منه، وقلنا: أنت شَرَطْت عَلى نفسك [١] .

قال أبو الحسن العلوي: كان عُبَيدان يذكر أنّه جعْفِيّ.

قال أبو القاسم التّنُوخيّ: كان المتنبّي خرج إلى حلب وأقام فيهم وادّعى أَنَّه علويَّ، ثم ادّعَى بعد ذلك النُّبوَّة إلى أن شُهِد عليه بالكذِب في الدعوتين، وحُبس دهرًا وأشرف على القتل، ثم استتابوه وأطلقوه.

قال التنوخي: حدّثني أُبَيُّ بن أبي علي بن أبي حامد: سمعنًا خلْقًا بحلب يحكون والمتنّبي بها إذ ذاك أنّه تنبّأ في بادية السَّمَاوَة، قال: فخرج إليه لِؤلؤ أميرٌ حمصي من قِبَل الإخشيديّة فأسره بعد أن قاتل المتنّبي ومَن معه، وهرب مَن كان اجتمع عليه من حلب، وحبسه دهرًا، فاعتلّ وكاد أن يتلف، ثم استُتيب بمكتوبٍ.

وكان قد قرأ على البَوَادي كلامًا ذكر أنّه قرآن أُنْزِل عليه نَسَخْتُ منه سورة فضاعَتْ وبقي أوَّلُها في حِفْظي وهو: والنّجْمِ السَّيّار والفلكِ الدّوّار واللّيل والنّهار إنّ الكافر لَفِي أخطار، امْضِ على سُنَنِك واقْفُ أَثَرَ من كان قَبْلَكَ من المرسلين، وإنّ الله قامِع زَيْغَ مَن أَلْحَدَ في الدّين وضلَّ عن السبيل. قال: وهي طويلة. قال: وكان المتنّبي كان إذا شُوغِبِ في مجلس سيف الدولة- ونحن إذ ذاك بحلب- يُذكر له هذا القرآن فينكره ويَجحده.

وقال له ابن خالَوَيْه النحويّ يومًا في مجلس سيف الدولة، لولا أنّ الآخر جاهلٌ لما رضي أن يُدعى المتنبّي لأنّ متنبّئ معناه كاذب، فقال: إنّي لم أرض أنْ أُدْعَ به.

ومن قوله مما رواه عنه ابن باكويه، سمع منه بشيراز:

وما أنا بالباغي على الحبّ رشْوَةً ... قبيحٌ هوًى يُرجَى عليه ثوابُ

إذا نِلْتُ منك الوُدَّ فالمال هيّن ... وكلّ الّذي فوق التراب تراب [٢]


[١] تاريخ بغداد ٤/ ١٠٣.
[٢] ويروى: «ضعيف هوى يبغى عليه ثواب» (شرح اليازجي ١/ ٣٥٧) وهو من قصيدة يمدح