قلت: قوله النّبُوّة: العلم والعمل، كقوله عليه السلام: الحجّ عَرفَة، وفي ذلك أحاديث. ومعلوم أنّ الرّجل لو وقف بَعَرفَة فقط ما صار بذلك حاجًّا، وإنّما ذكر أشهر أركان الحجّ، وكذلك قول ابن حِبّان فذكر أكمل نُعُوت النبيّ، ولا يكون العبد نبيًّا إلّا أن يكون عالمًا عاملًا، ولو كان عالمًا فقط لما عُدَّ نبيًّا أبدًا، فلا حيلة لبشر في اكتساب النبوّة.
محمد بن الحسن بن يعقوب [١] بن مُقَسّم أبو بكر البغدادي المقرئ العطّار. وُلد سنة خمسٍ وستّين ومائتين.
وسمع: أبا مسلم الكجّي، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، ومحمد بن يحيى المروزي، وموسى بن إسحاق الأنصاري، وغيرهم، وقرأ القرآن على إدريس بن عبد الكريم بن خلف، وطال عمره وأقرأ النّاس رواية حمزة.
وقرأ عليه: إبراهيم بن أحمد الطّبري، وأبو الفرج عبد الملك بن بكران النَّهرواني، وأبو الحسن الحمامي، وعلي بْن أحمد بْن محمد بْن دَاوُد الرّزّاز المحدّث شيخ عبد السيّد بن عتّاب في التّلاوة، وغيرهم. وحدّث عنه أبو الحسن بن رزقويه، وابن داود الرزّاز، وأبو علي بن شاذان، وغيرهم.
وهو راوي أمالي ثعلب عنه، وهو من عوالي ما نقع من طريقه، أعلى من الجزء المنسوب إليه بدرجة.
قال الخطيب: كان ثقة، وكان من أحفظ الناس لنحو الكوفيّين وأعرفهم بالقرآن كتبًا، قال: وطُعن عليه بأن عمد إلى حروفٍ من القرآن تخالف الإجماع، فأقرأ بها، فأنكِر عليه، وارتفع أمرُه إلى الدولة، فاستُتِيب بحضرة الفقهاء والقرّاء وكُتب عليه محضر بتوبته، وقيل: إنّه لم ينزع فيما بعد عن ذلك بل كان يُقرئ بها.
وقال أبو طاهر بن أبي هاشم في كتاب «البيان» : وقد نبغ في عصرنا
[١] تاريخ بغداد ٢/ ٢٠٦ رقم ٦٣٨، العبر ٢/ ٣٠١، المنتظم ٧/ ٣٠ رقم ٣١، البداية والنهاية ١١/ ٢٥٩، الوافي بالوفيات ٢/ ٣٣٧ رقم ٧٨٩، غاية النهاية ٢/ ١٢٣، ميزان الاعتدال ٣/ ٤٤، شذرات الذهب ٣/ ١٦، معرفة القراء ١/ ٢٤٦