للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأرض، فارتاع زياد القائد، وقال بالفارسية: ما هذا أيّها الملك، أهذا الله [١] عزّ وجلّ؟ فالتفت إلى عبد العزيز بن يوسف وقال له: فَهّمْه وقل له: هذا خليفة الله في الأرض، ثم [استمر] [٢] يمشي ويقبّل الأرض سبع [٣] مرات، فالتفت الطائع إلى خالص الخادم وقال: استَدنِه، فصعد عضُدُ الدولة، فقبّل الأرض دفعتين، فقال له: أدْن إليّ أدْن إليّ، فدنا [٤] وقبّل رجْلَه، وثنى الطائع برِجْله عليه [٥] ، وأمره، فجلس على كُرْسيّ، بعد أن كرّر عليه: اجْلس، وهو يستعفي فقال: أقسمتُ لَتَجلِسْ، فقبّل الكرسيّ وجلس، وقال له: ما كان أَشْوَقُنا إليك وأَتْوَقُنا إلى مفاوضتك، فقال: عُذْري معلوم، وقال: نِيّتُك موثوقٌ بها، وعقيدتك مسكونّ إليها، فأومى برأسه، ثم قال له الطائع: قد رأيت أن أفوّض إليك ما وكّل الله من أمور الرعيّة في شرق الأرض وغربها، وتدبيرها في جميع جهاتها، سوى خاصّتي وأسبابي، فَتَوَلَّ ذلك مستخيرًا باللَّه.

قال: يعينني الله على طاعة مولانا وخِدْمته. وأريد وُجُوهَ القوّاد أن يسمعوا لفظ أمير المؤمنين. فقال الطائع: هاتوا الحسين بن موسى، ومحمد ابن عمرو بن معروف، وابن أمّ شيبان، والزينبي، فقدموا، فأعاد الطائع القول بالتفويض، ثم التفت إلى طريف الخادم فقال: يا طريف تفاض عليه الخُلَع ويُتَوّج، فنهض إلى الرّواق وألْبِس الخُلَع، وخرج قادمًا ليقبّل الأرض، فلم يُطِقْ لكثرة ما عليه، فقال الطائع: حسْبُك، وأمره بالجلوس، ثم استدعى الطائع تقديم ألويته، فقدّم لواءين، واستخار الله، وصلّى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعقدهما، ثم قال: يقرأ كتابه، خار الله لك ولنا وللمسلمين، آمرك بما أمرك الله به، وأنهاك عما نهاك الله عنه، وأبرأ إلى الله مما سوى ذلك، انهض على اسم الله، ثم أخذ الطائع سيفًا كان بين المخدَّتَيْن فقلَّده به مضافًا إلى السيف الذي قلّده مع الخلْعة، وخرج من باب الخاصّة، وسار في البلد، ثم


[١] في الأصل «للَّه» ، وفي بعض النسخ «أهذا هو الله» .
[٢] سقطت من الأصل، والإضافة عن المنتظم ٧/ ٩٩ وتاريخ الخلفاء ٤٠٨.
[٣] في المنتظم «تسع» .
[٤] في الأصل «فدنى» .
[٥] في تاريخ الخلفاء «وثنى الطائع يمينه عليه» .