للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِهَا عَلَيْكُمْ، لَقَدِ أَعْطَاكُمُوهَا وَبَثَّهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِيَ مِنْهَا هَذَا الْمَالُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، أَنْشُدُكُمْ باللَّه هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ، قَالُوا: نَعَمْ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ، فَقَبَضَهَا وَعَمِلَ فِيهَا بِمَا عَمِلَ به رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها، وأنتما تزعمان أنّ أبا بكر فيها كَاذِبٌ فَاجِرٌ غَادِرٌ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّه فِيهَا لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ، ثُمَّ تَوَفَّاهُ اللَّهُ فَقُلْتُ [١] : أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَلِيُّ أَبِي بَكْرٍ، فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِي، أَعْمَلُ فِيهَا بِعَمَلِهِ، وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَشْهَدُونَ [٢] ، وَأَقْبَلَ عَلَيَّ عَلِيٌّ وَعَبَّاسٌ [٣] يَزْعُمُونَ أَنِّي فِيهَا فَاجِرٌ كَاذِبٌ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي فِيهَا لَصَادِقٌ بارّ راشد تابع للحق، ثم جئتماني وكلمتكما وَاحدَةٌ وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ، فَجِئْتَنِي تَسْأَلُنِي عَنْ نَصِيبِكَ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، وَجَاءَنِي هَذَا يَسْأَلُنِي عَنْ نَصِيبِ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقُلْتُ لَكُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقةٌ» ، فَلَمَّا بَدَا لِيَ أَنْ أَدْفَعَهَا إِلَيْكُمَا قُلْتُ:

إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَتَعْمَلَانِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَإِلَّا فَلَا تُكَلِّمَانِي، فَقُلْتُمَا:

ادْفَعْهَا إِلَيْنَا بِذَلِكَ، فَدَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا [٤] أَنْشُدُكُمْ باللَّه هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ؟

قَالَ الرَّهْطُ: نَعَمْ، فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا باللَّه هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ؟ قَالَا: نَعَمْ، قَالَ أفتلتمسان منّي قضاء غير ذلك! فو الّذي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ لَا أَقْضِي فِيهَا غَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عنها فادفعاها إليّ أكفيكماها [٥] .


[١] في صحيح الإمام البخاري (فكنت) بدل (فقلت) التي في الأصل وغيره.
[٢] «تشهدون» ساقطة من (ح) والمنتقى نسخة أحمد الثالث، وليست في صحيح البخاري.
[٣] لعلّ في الأصل وغيره هنا كلمات مقحمة لا تفسد المعنى. فانظر صحيح الإمام البخاري حيث يختلف النصّ عمّا هنا.
[٤] في (صحيح الامام البخاري) : ادفعها إلينا. فبذلك دفعتها إليكما.
[٥] رواه البخاري في الخمس ٤/ ٤٣، ٤٤ باب فرض الخمس، ومسلم في الجهاد والسير