للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تَرَكْتَ بِهَا النِّفَاقَ يَغْلِي، فَعَقَدَ لِخَالِدٍ عَلَى النَّاسِ، وَأَمَّرَ عَلَى الْأَنْصَارِ خَاصَّةً ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَأَمَرَ خَالِدًا أَنْ يَصْمُدَ لِطُلَيْحَةَ الْأَسْدِيِّ [١] .

وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: سَارَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنْ ذِي الْقَصَّةِ فِي أَلْفَيْنِ وَسَبْعِمِائَةٍ إِلَى ثَلَاثَةِ آلَافٍ، يُرِيدُ طُلَيْحَةَ، وَوَجَّهَ عُكَّاشَةَ بْنَ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيَّ حَلِيفَ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، وَثَابِتَ بْنَ أَقْرَمَ الْأَنْصَارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا [٢] فَانْتَهَوْا إِلَى قَطَنٍ [٣] فَصَادَفُوا فِيهَا حِبَالًا مُتَوَجِّهًا إِلَى طُلَيْحَة بِثُقْلِهِ، فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا مَا مَعَهُ، فَسَارَ وَرَاءَهُمْ طُلَيْحَةُ وَأَخُوهُ سَلَمَةُ فَقَتَلَا عُكَّاشَةَ وَثَابِتًا [٤] .

وَقَالَ الْوَلِيدُ الْمُوَقَّرِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: فَسَارَ خَالِدٌ لِقِتَالِ طُلَيْحَةَ الْكَذَّابَ فَهَزَمَهُ اللَّهُ، وَكَانَ قَدْ بَايَعَ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ، فَلَمَّا رَأَى طُلَيْحَةُ كَثْرَةَ انْهِزَامِ أَصْحَابِهِ قَالَ: مَا يَهْزِمُكُمْ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا أُحَدِّثُكَ، لَيْسَ مِنَّا رَجُلٌ إلَّا وَهُوَ يُحِبُ أَنْ يَمُوتَ صَاحِبُهُ قَبْلَهُ، وَإِنَّا نَلْقَى قَوْمًا كُلَّهُمْ يُحِبُّ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ، وَكَانَ طُلَيْحَةُ رَجُلًا شَدِيدَ الْبَأْسِ فِي الْقِتَالِ، فَقَتَلَ طُلَيْحَةُ يَوْمَئِذٍ عُكَّاشَةَ بْنَ مِحْصَنٍ وَثَابِتَ بْنَ أَقْرَمَ، وَقَالَ طُلَيْحَةُ:

عَشِيَّةَ غَادَرْتُ ابْنَ أَقْرَمَ ثَاوِيًا ... وَعُكَّاشَةُ الْغَنْمِيُّ تَحْتَ [٥] مَجَالِي

أَقَمْتُ [٦] لَهُمْ صَدْرَ الْحِمَالَةِ إِنَّهَا ... مُعَاوَدَةٌ [٧] قَبْلَ الْكُمَاةِ نِزَالِي

فَيَوْمًا تَرَاهَا فِي الْجَلَالِ مَصُونَةً ... وَيَوْمًا تَرَاهَا فِي ظِلَالٍ عوال [٨]


[١] تاريخ خليفة- ص ١٠٢.
[٢] انظر عنهما طبقات ابن سعد ٣/ ٤٦٧ في ترجمة ثابت بن أقرم.
[٣] قطن: بالتحريك. جبل لبني عبس كثير النخل والمياه بين الرمّة وبين أرض بني أسد. (معجم البلدان ٤/ ٣٧٥) .
[٤] تاريخ خليفة- ص ١٠٢- ١٠٣.
[٥] في تهذيب تاريخ دمشق ٧/ ١٠٣ «عند» بدل «تحت» .
[٦] في التهذيب «نصبت» .
[٧] في التهذيب، والبداية والنهاية لابن كثير ٦/ ٣١٧ «معودة» .
[٨] انظر تهذيب تاريخ دمشق فقد ورد هذا الشطر عجزا لصدر بيت آخر.