للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال ابن بدر: عندي يا أبا محمد، فأبى، وجلس قليلًا وانصرف، ثم كتب إلى بغداد إلى ابن أبي السّوار يطلب أن يولّيه قضاء مصر، وبذل له، وأعانه جماعة ببغداد، فكتب إلى بالقضاء، فجاءه العهد في رمضان سنة ثمانٍ وعشرين وثلاثمائة. وكان قاضي الرّملة الحسين بن هارون بمصر، فركب إليه ابن الوليد يُعَرّفه بالأمر، وأراه عَهْدَه، والتمس معونته، فطمع ابن هارون في الأمر، وقوّي قومٌ نَفْسَه، فأعانه الإخشيذ، ففتر أمر ابن وليد، ولم يُعِنْهِ الإِخْشيد، وتمرّض، فكان النّاس يقولون: «عبد الله بن وليد، أبرد من الجليد، عبد الله بن وليد، تحت القضاء الشديد، عبد الله بن وليد، هو ذا يموت شهيد» .

ثم بعد سنة ولي مصر ابن وبر فلم يلبث أنْ مات، وبقي ابن وليد في القضاء، فتولّى من جهة ابن هارون قاضي الرملة المذكور، وقُرئ عهد الرّاضي باللَّه إلى أبن هارون بقضاء مصر، ثم عُزِل ابن وليد عن الحكم بعد ستّة أشهر، وحكم بعده أبو المذكّر محمد بن يحيى المالكي عشرة أيام، وصُرِف، وقد وُلّي ابن وليد مرّةً ثانية وثالثة بمصر. والثالثة كانت من جهة المستكفي باللَّه، فكانت أجلّ ولاياته، ثم تكبّر وتجبّر، فاستهان بالنّاس، وكان يَهْزِل في مجلسه ويلعب، وطالت ولايته، وخُلع المستكفي فجاءه تقليد القضاء من المُطيع [١] .

ثم إنّ المطيع ردّ قضاء مصر إلى محمد بن الحسن الهاشمي، فكتب إلى ابن وليد بالعهد من قِبَلَه، ثم إنّه أخذ في تكثير الشُّهود وتعديل من لا يليق، فَقَتّره، وكان قبل ذا تاجرًا بزّازًا كثير الأموال، ثم عُزِل ووُلّي بعد مدة قضاء دمشق. وله أخبار يطول ذِكُرها، إنّ الله يسامحه.

وحُفِظ عنه أنّه كان يقول لحاجبه: أين اليهود، يعني الشُّهود، والكُمَنَاء، يعني الأُمناء.

وقالت له أمرأة خذ بيدي، فقال: وبرجلك.


[١] الولاة والقضاة ٥٦٨.