للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حملوه إلى مصر في هذه السنة ولم ير له ذِكرًا بعدها.

وقال القفطي: تغلّب على دمشق رجل من العَيّارين فعُرف بقَسّام وتحصّن بها، وخلف على صاحب مصر، فسار لحربه الأمير فضل من مصر، فحاصر دمشق، وضاق بأهلها الحال، فخرج قسَّامُ متنكّرًا، فأخذته الحرس، فقال: أنا رسول، فأحضروه إلى فضل فقال: بعثني قسّام إليك لتحلف له وتُعَوّضه عن دمشق بلدًا يعيش فيه، وقد بعثني إليك سرًّا، فحلف الفَضْل له، فلمّا توثّق منه قام وقبّل يده وقال: أنا قسّام، فأعجب به الفضل، وزاد في إكرامه.

فردّ إلى البلد، وسلّمه إليه، وقام له بكل ما ضمنه، وعوّضه موضعًا عاش فيه، وأحسن العزيز صِلَتَه. ذكر القفطي أنّ ذلك كان في سنة تسعٍ وستّين. ثم قال: وذكر بعضهم أنّ أَخْذَ دمشق من قسّام كان في سنة اثنتين وسبعين.

قلت: وهو يتحدّث النّاس أنّه ملك دمشق، وأنه قسيم الزّبّال. وكان سلمان [١] بن جعفر بن فلاح قد قدِم دمشقَ في جيش، فنزل بظاهرها، ولم يمكن دخولها، فبعث إليه قَسّام بخطّه: أنا مقيم على الطّاعة، فورد البريد إلى سلمان إن يرتحل عن دمشق. وولي دمشق أبو محمود المغربي، ولم يكن له أيضًا مع قسّام أمر ولا عَقْد ولا حَلّ، فهذا ما عندي من خبر قسّام.

محمد بن أحمد بن محمد بن شاذان بن الخليل، أبو عمرو الخَفَّافِ القُهُنْدُزي الزّاهد.

سمع: أبا العبّاس بن السّرّاج، وزِنْجَوَيْه بن محمد، وجماعة.

وتُوُفّي في رمضان.


[ () ]
كم نهتهم صبابتي وغرامي ... عن ذمي فما انتهوا عن ملامي
سكروا سكرة المدام فظنّوا ... أنّ سكر الهوى كسكر المدام
(ديوان الصوري ج ٢/ ٢١ رقم ٤١٢، تاريخ دمشق ٢/ ٩ (المخطوط) ، وتهذيب ابن عساكر ١/ ٢٥٥) .
[١] في الأصل «وقال» .