للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في أهل البيت والصحابة، وقُلَّد القضاء في مُدُنٍ كثيرة، وإنَّما سمع الحديث وهو ابن نيّف وعشرين سنة. صنّف على كتابَيِ البُخَاري ومُسْلِم، وتتبّع [١] على شرط التَّرمِذي. قال لي [٢] : سمعت عمر بن علّك يقول: مات محمد بن إسماعيل ولم يُخلف بخُراسان مثل ابنِ عِيسَى فِي العِلْم والزُّهد والورع، بكى حتى عُمِي، رحمه الله.

قال الحاكم في تتمّة ترجمة أبي أحمد: وصنّف كتاب «الأسماء والكُنَى» وكتاب «العلل» و «المخرّج على كتاب المُزَني» وكتاب «الشُّروط» .

وكان عارفًا بها، وصنّف «الشَّرْح والأبواب» ، وقُلَّد قضاء النّاس، فحكم بها أربع سنين، ثم قضاء طُوس، فكنت أدخل عليه، والمصنَّفات بين يديه، فيقضي بين اثنين، فإذا تفرَّغ أقبل على التصنيف، ثم إنّه قدِم نَيْسَابُور سنة خمسٍ وأربعين وثلاثمائة، ولزِم مسجدَه، وأقبل على العبادة والتواليف، وأُريد غير مرّةٍ على القضاء، فامتنع، وكُفَّ بَصَرُهُ سنة ستٍّ وسبعين. وهو حافظُ عصره بهذه الدّيار.

وقال السُّلَمي: سمعت أبا أحمد الحافظ يقول: حضرنا مع الشيوخ عند أمير خُراسان نُوح بن نصر، فقال: من يحفظ منكم حديث أبي بكر في الصَّدَقات [٣] ؟ فلم يكن فيهم من يحفظه، وكان عليّ خلقان، وأنا في آخر النّاس، فقلت للوزير: أنا أحفظ. فقال: هاهنا فتى من نيسابور يحفظه، قال: فقدِمْت فوقهم، ورويت الحديثَ، فقال: مثل هذا لا يُضَيَّع. وولاني قضاء الشاش.

وقال الحاكم أبو عبد الله: تُوُفّي في ربيع الأوَّل، وله ثلاثٌ وتسعون سنة. وكان قد تغيّر حِفْظُهُ لما كفّ، ولم يختلط قطّ.


[١] في الأصل «تتبعت» .
[٢] في الأصل «نعم» والتصحيح من تذكرة الحفاظ.
[٣] رواه البخاري في الزكاة ٣/ ٢٥٠ و ٢٥١ و ٢٥٤ باب من بلغت عنده صدقة بنت مخاض وليست عنده، وباب زكاة الغنم.