للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلان عَنْ فلان، ومَتْنُهُ كذا، والحديث الثاني عَنْ فلان، ومَتْنُهُ كذا، ثم مرّ فِي ذَلِكَ حتى أتى عَلَى الْأحاديث، فعجب الناس منه، أو كما قَالَ.

وقَالَ رجاء بْن مُحَمَّد المعدّل: قلت للدارقطني: رأيت مثل نفسك؟

فَقَالَ: قَالَ اللَّه تعالى: فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ٥٣: ٣٢ [١] فألححت عَلَيْهِ، فَقَالَ: لم أر أحدًا جمع ما جمعت.

وقَالَ أَبُو ذَرّ عَبْد بْن أحْمَد: قلت للحاكم ابن البيع: هَلْ رَأَيْت مثل الدار قطنى؟ فَقَالَ: هُوَ لم ير مثل نفسه، فكيف أنا؟ رواها الخطيب فِي تاريخه عَنْ أَبِي الوليد الباجي، عَنْ أَبِي ذَرّ، فهذا من رواية الكبار عَنِ الصغار.

وكان عَبْد الغني المصري إذا حكى عن الدار قطنى يَقُولُ: قَالَ أستاذي، قَالَ الخطيب، سَمِعْتُ أَبَا الطّيّب الطبري يقول: الدار قطنى أمير المؤمنين فِي الحديث.

وقَالَ الخطيب: قَالَ لي الأزهري: كان [٢] الدار قطنى ذكيا، إذا نُوكِر [٣] شيئًا من العلم أي نوع كَانَ وُجِد عنده من نصيب وافر. ولقد حَدّثَنِي مُحَمَّد بن طلحة النِّعَالي أَنَّهُ حضر مع الدار قطنى دعوة، فجرى ذكر الأكلة، فاندفع الدار قطنى يورد أخبار الْأكَلَة ونوادرَهم، حتى قطع أكثر ليلته بذلك.

وقال الأزهري: رأيت الدار قطنى أجاب ابن أبى الفوارس عَنْ علّة حديث أو اسم، ثم قَالَ: يا أَبَا الفتح لَيْسَ بين الشروق والغرب من يعرف هذا غيري.

وقَالَ البَرْقَاني: كان الدار قطنى يُمْلي عَليّ العِلَل من حفظه، فمن أراد أن يعرف قدر ذَلِكَ، فليطالع كتاب «العلل» قطنى، ليعرف كيف كَانَ الحُفّاظ.

قَالَ أَبُو عَبْد الرحمن السّلمى: سمعت الدار قطنى يَقُولُ: ما فِي الدُّنيا شيء أبغض إليّ من الكلام. ونقل ابن طاهر المقدسي أنهم اختلفوا ببغداد،


[١] سورة النجم- الآية ٣٢.
[٢] في الأصل «قال» .
[٣] في الأصل «ذكر» والتصحيح من تاريخ بغداد.