للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ أَبُو القاسم بْن بشران: دخلت عَلَى شيخنا أَبِي طَالِب الْمَكِّيّ فَقَالَ:

إذا علمت أَنَّهُ قد خُتم لي بخير فانثُرْ عَلَى جنازتي سكَّرًا ولوزًا، وقل: هذا حاذق، ثم قال: خذ بيدي إذا احتضرت، فإذا قبضت عَلَى يدك فاعلم أَنَّهُ قد خُتم لي بخير، وإن لم أقبض فاعلم أَنَّهُ لم يُختَم بخير، فقعدت عنده، فلما كَانَ عند موته قبض عَلَى يدي قبضًا شديدًا، فلما خرجت جنازته نثرت عَلَيْهِ سُكَّرًا ولَوْزًا، وقلت: هذا الحاذق كما أمرني.

رَأَيْتُ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا لأبي طَالِبٍ وَبِخَطِّهِ، قَدْ أَخْرَجَهَا بِأَسَانِيدِهِ، وَرَوَى فِيهَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ فَارِسٍ إِجَازَةً، وَرَوَى فِي أَوَّلِهَا: «مَنْ حَفِظَ عَلَى أُمَّتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثًا» مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ. وَقَدْ خَرَّجَ فِيهَا مِنْ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ مِنْ «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» رَحِمَهُ اللَّهُ، «كُنْهُ حَمْدِهِ بِحَمْدِهِ» . مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن حمشاذ [١] ، أَبُو منصور الحَمْشَاذي [٢] النيسابُوري الفقيه الْأديب الزّاهد.

سمع من: أَبِي طَالِب حامد بْن بدال أَبِي بَكْر القطّان، وفي الرحلة من ابن الْأعْرابي، وابْن البَخْتَرِي.

وكان زاهدًا عبادا كبير الشأن يخرّج أئمّة، وعاش اثنتين وسبعين سنة، وكان من كبار الشافعيّة.

مُحَمَّد بْن عُمَر بْن سعدون [٣] ، أَبُو عَبْد اللَّه المَعَافري القرطبي الغضائري.

شيخ صالح قليل العلم، حجّ وسمع بمّكة من ابن الْأعْرابي، وبمصر من أحْمَد بْن جامع وجماعة. سقط عَلَيْهِ حائط فمات تحته فِي ربيع الآخر.

وقد أخذ عَنْهُ ابن الفرضىّ.


[١] الوافي بالوفيات ٣/ ٣١٧ رقم ١٣٦٩، طبقات الشافعية الكبرى ٢/ ١٦٧.
[٢] الحمشاذى: بفتح الحاء المهملة والميم الساكنة والشين المعجمة المفتوحة بعدها الألف وفي آخرها الذال المعجمة، هذه النسبة إلى حمشاذ، وهو اسم لبعض أجداد أبي عليّ الْحَسَن بْن أحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بن حمشاذ بن سختويه.. (الأنساب ٤/ ٢٢١، اللباب ١/ ٣٨٩) .
[٣] تاريخ علماء الأندلس ٢/ ٩٩، ١٠٠ رقم ١٣٧٤.