للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طلبه، ففاتهم إلى بِسطام، فرماه شمس المعالي بنحو ألفين من الْأكراد والشاهجانية، فأزعجوه عَنْهَا حتى ضاقت عَلَيْهِ المسالك، فتلقّاه ابن سرخك الساماني، بكتاب يخدعه فِيهِ، فانفعل طمعًا فِي وفائه، فثنته خَيْل أيلك خان بطرف خُرَاسان، فطاردهم، ثم ولاهم ظهره، فأسروا إخوته، والتجأ إلى ابن بهيج الْأعْرابي، فما خَفَر حقَّ مَقْدَمِه، وروّى الْأرض من دمه [١] ، كما عناه أَبُو تمام بقوله:

فتًى مات بين الطَّعْن والضَّرْب مِيتَةً ... تقوم مقامَ النَّصْر إذ فاته النَّصْرُ

فأثبتَ فِي مُسْتَنْقَع الموتِ رِجْلَه ... وقَالَ لها من دون أَخْمَصِك الحَشْرُ

غدا [٢] غدوة الحمد فسبح رِدائه ... فلم ينصرف إلا وأكفانه الْأجْرُ

مضى طاهرَ الْأثواب لم تبق رَوْضَةٌ ... غداةَ ثَوَى إلا اشتهتْ أَنَّها قَبْرُ

عليكَ سلامُ اللَّه وقْفًا فإنّني ... رَأَيْت الكريمَ الحُرَّ لَيْسَ لَهُ عُمْرُ [٣]

وانقضت الْأيام السامانيّة، وذلك في أوائل سنة خمس وتسعين وثلاثمائة.


[١] راجع هذه الحوادث في الكامل في التاريخ ٩/ ١٥٦- ١٥٩.
[٢] في الأصل «غدي» .
[٣] الأبيات في ديوان أبى تمّام ٤/ ٧٩، ٨٥ من قصيدة يرثى بها محمد بن حميد الطوسي أحد قوّاد المأمون الّذي أرسله لقتال بابك الخرّمىّ.