للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلمّا وُصِفَت هذه الحالة للحاكم، كتب إلى والي الرَّمْلة، وإلى أحمد بن يعقوب الدّاعي بأن يقصد بيتَ المقدس، ويأخذ القضاةَ والأشرافَ والرؤساءَ، وينزلون عَلَى هذه الكنيسة، ويُبِيحُوا للعامَّة نَهْبَها، ثم يخربونها إلى الْأرض، وأحسّ النَّصَارَى، فأخرجوا ما فيها من جوهر وذهب وستُور، وانْتُهِب ما بقي، وهُدِمت.

ثم أمر بهدم الكنائس، ونَقَضَ بعضها بيده، وأمره بأن يعمِّر مساجدَ للمسلمين، وأمر بالنّداء: من أراد الْأسْلامَ فلْيُسْلِم، ومن أراد الانتقال إلى بلد الروم كَانَ آمنًا إلى أن يخرج، ومن أراد المقام عَلَى أن يَلْزَم ما شُرِطَ عَلَيْهِ فلْيَقُم. وشَرَط عَلَى النصارى تعليقَ الصُّلْبان ظاهرةً عَلَى صُدُورهم، وعلى اليهود تعليق مثال رأس العجل في أعناقهم، ومنعهم من ركوب الخيل، فعملوا صلبان الذَّهب والفضّة، فأنكر الحاكم ذاك، وأمر المحتسبين بإلزامهم تعليقَ صُلبان الخشب، وأن يكون قدر الواحد أربعة أرطال، واليهود تعليق خشبة كالمدقّة، وزنها ستّة أرطال، وأن يشدّ فِي أعناقهم أجراسًا عند دخولهم الحمّامات.

ثم إنَّه قبل أن يُقْتل أذّن فِي إعادة البِيَعِ والكنائس، وأذِن لمن أسلم أن يعود إلى دينه، لكونه مُكْرَهًا. وقَالَ: تنزّه [١] مساجدنا عمّن لا نيّة لَهُ فِي الإسلام [٢] .


[١] في المنتظم ٧/ ٢٤٠ «ننزّه» .
[٢] وقد علّق ابن الجوزي على ذلك فقال: «وهذا غلط قبيح منه وقلّة علم فإنه لا يجوز أن يمكن من أسلم من الارتداد» . وانظر: الكامل ٩/ ٢٠٨، ٢٠٩، وتاريخ الزمان ٧٦، ٧٧، ومرآة الجنان ٢/ ٤٤٩، والبداية والنهاية ١١/ ٣٣٩، واتعاظ الحنفا ٢/ ٧٤، ٧٥، وشذرات الذهب ٣/ ١٥٠، وتاريخ الأنطاكي (بتحقيقنا) .